سليمان جودة
عندى لك اليوم، قصتان، إحداهما أنت تعرفها جيداً، لأنك تابعتها بالضرورة مع الجميع، قبل نحو شهرين من الآن.. أما الثانية فهى من عند الناس فى المغرب، لعلك تقارن، ثم تحكم أنت ماذا علينا أن نفعل.
إننا نذكر لابد، ذلك الحادث الذى وقع فى البحيرة، وكان أغلب ضحاياه الذين بلغوا الأربعين، قتلى ومصابين من الطلاب، وكيف أنه هز البلد فى حينه، وانطلقت بعده مباشرة حملات مكثفة على الطرق، للتأكد من صلاحية رخصة القيادة، ورخصة السيارة، ومدى استعداد السائق لأن يقود عربة على الطريق، و.. و.. إلى آخره!
طبعاً.. سوف يكون علينا أن ننتظر ربما إلى قرب نهاية هذا العام، ثم نسأل بعد مرور عام على الحادث إياه، عما إذا كانت حملاتنا التى قامت من بعده، قد جعلت العام التالى له، أقل قتلى، وأقل مصابين، على مختلف الطرق لدينا، أم لا؟!
وحتى يدور العام دورته، سوف أضع أمامك ما فعلوه فى المغرب، قبل عدة سنوات من الآن، عندما وضعوا خطة مكتملة، أعلن وزير النقل المغربى، عند نهايتها، يوم الأربعاء الماضى، أن عدد القتلى على الطرق المغربية، قد انخفض بتأثيرها، فى الـ11 شهراً الأولى من عام 2014، بنسبة 10٪، والمصابين بنسبة 15٪، قياساً على ما كان قبل ذلك، وأن هذا - على حد تعبيره - هو يتكلم، لا يرضى طموح بلده، فى هذا الاتجاه، وأن اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث الطرق، قد وضعت خطة جديدة، لعشر سنوات مقبلة، بحيث تكون الخطة الجديدة مكملة لما قبلها، أولاً، ومبدعة، ثانياً، ومنفتحة على كل الأطراف، المؤثرين فى القضية، والتى عليها أن تعمل معاً، كفريق، ثالثاً.
ليس هذا فقط، وإنما أعلن الوزير أن اللجنة التى حققت هذا الانخفاض الملحوظ، فى أعداد القتلى والمصابين، سوف تتحول مع بدء الخطة العشرية الجديدة، إلى وكالة، أو هيئة، تكون لها مهمة واحدة، هى تحقيق نتائج أفضل من النتائج السابقة، عاماً، بعد عام، وبامتداد السنوات العشر!
وفى اللقاء الذى تحدث فيه الوزير المغربى، راح يوزع الجوائز على الفائزين من بين السائقين، فى مسابقة نظموها، وكان عنوانها: «سير بالمهل تربح!».
هذا العنوان كان اسماً لبرنامج تليفزيونى أنتجته اللجنة، بالمشاركة مع القناة الأولى فى التليفزيون هناك، وسوف يجرى بثه عليها للمشاهدين، ابتداءً من 19 يناير الحالى!
ومما قيل عن البرنامج، إنه يهدف إلى إشاعة قيم احترام قانون السير، أى قانون المرور عندنا بين المواطنين، وترسيخ ثقافة الوقاية والسلامة على الطرق، وتحفيز السائقين على الالتزام بالسرعة القانونية.
لاحظ، من فضلك، عنوان البرنامج، وكيف أنه ينصح السائق، بأنه إذا سار على مهله، فإنه سوف يربح جائزة، وأن أكثر السائقين التزاماً بهذه النصيحة، فى فترة الخطة الماضية، قد تسلم بالفعل جائزة مالية!
أضع هذا كله، تحت أعين الذين يعنيهم الأمر فى البلد، وأتمنى لو عدنا من أقصر طريق إلى تطبيق ما كانت وكالة «جايكا» اليابانية قد نصحت به، عندما سألناها رأيها، قبل 25 يناير 2011، فهذا هو الحل الجاهز، والذى ينتظر أن نأخذ به، ثم أتمنى لو أعدت إدارة المرور، برنامجاً تليفزيونياً ممالثاً لسائقينا، بحيث يفهم كل واحد منهم، أنه عندما يسير على مهله، لن يربح جائزة من البرنامج، وفقط، وإنما سوف يربح حياته التى هى أهم من أى جائزة، فضلاً بالطبع عن أنه سوف ينقذ حياة آخرين!