توقيت القاهرة المحلي 00:42:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أربعة أضعاف!

  مصر اليوم -

أربعة أضعاف

سليمان جودة

أحاول، هذه الأيام، أن أنقل للذين يعنيهم الأمر فى بلدنا بعضاً من ملامح التجرية البولندية، خصوصاً على المستوى الاقتصادى، لعلها تكون مفيدة لنا، ونحن نفكر ونتحرك هنا!

وربما أكون مضطراً، وأنا أكتب عن تلك التجربة، فى هذه المساحة الورقية، أن أعيد تذكير أنفسنا، فى كل مرة، بأن لدى بولندا تجربة مشابهة لتجربتنا، ولا أقول مماثلة. وبالتالى، فإن علينا أن ننظر فيما هو مشابه، وأن نأخذ منه ما يضيف للأمور الاقتصادية تحديداً عندنا، ويقويها، ويضعها على طريقها الصحيح!

ففيما قبل عام 1991، الذى انهار فيه الاتحاد السوفيتى، كانت بولندا دولة شيوعية، لا تؤمن برأسمالية اقتصادية، ولا بأن القطاع الخاص يمكن أن يكون له دور فى مسارها الاقتصادى، لأن هذا المسار كله كانت الدولة تحتكره.. وفيما بعد ذلك التاريخ، صار العكس هو الموجود، وهو المطلوب، ولم تعد الدولة تحتفظ بملكية شىء من المشروعات العامة، سوى القليل جداً، ومن هذا القليل 31 شركة عامة فقط، يحددها دستورهم بالاسم، وما عداها هو للقطاع الخاص الذى يقوم بطبيعته على المبادرات الفردية، ويشجعها، ويدفعها إلى العمل دائماً!

غير أن السؤال المثار هناك، على مستوى اجتماعى واسع، هو: ماذا تحقق للناس فى عمومهم من وراء هذا التحول الاقتصادى الذى انتقل من اقتصاد له ملامح شيوعية اشتراكية، تملك فيه الدول كل المشروعات وتديرها، إلى اقتصاد مضاد، لا تملك فيه الدولة شيئاً من شركات العمل فى الإنتاج إلا قليلاً.. بل قليلاً جداً.. ماذا تحقق للغالبية من 38 مليون بولندى، هم مجموع عدد السكان؟!

هناك جوابان عن هذا السؤال، والجوابان مفيدان لنا جداً، لأنهما مطروحان لدينا، بشكل أو بآخر، وفى مناسبات مختلفة!

فجواب عندهم يقول: إن على الذين يتساءلون عن عائد عملية التحول، بالنسبة لعموم المواطنين، أن يقارنوا بين الحال، الآن، فى عام 2016، وبينه قبل عام 1991، أى فى أيام الشيوعية، وعندها سوف يكتشف هؤلاء المتسائلون عن العائد أن الوضع حالياً أفضل نسبياً، وبمعنى من المعانى!

لكن الجواب الآخر يقول: إن البولنديين لا يجب أن يقارنوا حالهم، فى هذه اللحظة، اقتصادياً، بحالهم هم أنفسهم، قبل عام 1991، ولكن عليهم أن يقارنوا بين حالهم، وبين حال الألمان، على الحدود الغربية المباشرة لهم، وعندئذ، سوف يكتشفون أن حال الألمان أفضل بمراحل، وأن أجر العامل فى ألمانيا، مثلاً، أربعة أضعاف أجره فى بولندا.. فهذه هى المقارنة الصحيحة، لا المقارنة الأولى بأى حال، حتى إن كان المتحمسون لهذه المقارنة الأولى من بين المسؤولين البولنديين، يحاولون دائماً تذكير مواطنيهم بأن الحد الأدنى للأجر، المتاح الآن، والذى يفرضه القانون، لم يكن موجوداً أيام الشيوعية، فهو حد لا يتيح الحياة الكريمة المطلوبة لكل مواطن، بمستوى آدمى!

فما هو الدرس لنا؟!.. الدرس أن نقارن أنفسنا، حين نقارن، بين الدول الأفضل حولنا، لا الدول الأقل حظاً، على أى مستوى.. فهذا هو ما يقول به العقل، ويقول به المنطق، وتطلبه طموحات الناس، ولا تقتنع بسواه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أربعة أضعاف أربعة أضعاف



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon