سليمان جودة
سكت الكلام منذ فترة عن «عمر أفندى» بعد أن كان قد جاء وقت على هذه الشركة، ملأت فيه أخبارها الدنيا، وشغلت الناس!
وربما نذكر، الآن، أن الشركة كانت قد بيعت لمستثمر عربى، وأن بعضنا كان قد اعتبر بيعها مسألة حياة أو موت، وأنها يجب أن تعود إلى أحضاننا بأى ثمن، وبأى طريقة.. وقد عادت فعلاً بعد معارك من جانبنا فى أروقة المحاكم، كانت حامية، ومتواصلة!
ولا أعرف، من جانبى، شكل شعور المستثمر العربى، بعد أن رد بضاعتنا إلينا، غير أننى أستطيع أن أخمن أنه قد أحس براحة لا حدود لها، بعد أن انزاح كابوس من فوق صدره اسمه عمر افندى!.. وأتصوره فى لحظتنا هذه، وهو يراجع نفسه، بأثر رجعى، ثم يكتشف، فى لحظة، أنه كان قد اشترى مشكلة لا شركة، وأن تلك كانت المرة الأولى التى يتقدم فيها مستثمر، متطوعاً، وبكامل قواه العقلية، فيدفع ثمناً من جيبه لمشكلة، لا لشركة، أى أنه فعل عكس ما يفعل باقى المستثمرين من خلق الله!
ومع ذلك، فما مضى قد مضى، بالنسبة له، ثم بالنسبة لنا، وأصبح من حقى، ومن حقك، ومن حق أى مواطن مصرى أن يتساءل اليوم عن حال عمر أفندى بعد عودته إلينا.. كيف هو، وإلى أى وضعية صار؟!
إننا نعرف أن الرئيس كان قد أعاد الموازنة العامة للدولة إلى رئيس الحكومة، ووزير ماليته، ليعيد الاثنان معاً النظر فيها، بحيث تتوازن مصروفاتنا فى العام المالى المقبل، ومن خلال الميزانية وأبوابها، مع مواردنا.. وبمعنى أوضح، كان المطلوب من رئيس الحكومة، ومن وزير المالية، أن يعملا معاً، على أن نكون أقل إنفاقاً فى المجالات التى لا يجوز أن يبقى إنفاقنا فيها على حاله!
ولابد أننا قد سمعنا كلاماً كثيراً، على مدى أيام مضت، عن ضبط الإنفاق العام، وعن التقشف فى وجوه الإنفاق بوجه عام، وعن أننا لا يجوز أن ننفق قرشا، فى أى مكان، إلا إذا كان إنفاقه عن حق، وإلا إذا كنا فى حاجة لأن ننفقه فى هذا المكان فعلاً.
ولابد أيضاً أن عمر أفندى، كموضوع، لا ينفصل أبداً عن هذا السياق كله فى إجماله، ثم لابد، كذلك، أن نعرف ممَنْ يعنيهم الأمر معلومة محددة عن حال شركة أفندينا عمر، إذا صح التعبير، وعما إذا كانت قد كسبت وحققت ربحاً، بعد أن أعدناها إلينا، أم أن خسائرها لاتزال تتواصل، وربما تكون قد زادت؟
لا نعرف وزيراً لقطاع الأعمال، فى الحكومة الحالية، لنسأله، ونوجه إليه تساؤلنا المشروع، وبالتالى فالمسؤول الأقرب لما نتكلم فيه، إنما هو رئيس الحكومة مرة، ووزير المالية مرات!
ولا يشغلنى كيف كانت الشركة قد بيعت، ولا كيف عادت إلينا بعد نضال طويل خضناه، ولكن يشغلنى بالأساس حالها فى هذه الأيام، وكذلك وضعها المالى، وما إذا كانت شركة رابحة، أم أنها على عهدها القديم تسير؟!
نريد كلمة لوجه الله، من رئيس حكومتنا، أو من وزير ماليتنا، أو من أى مسؤول آخر يعنيه الأمر، حتى لا نكتشف، فى النهاية، أننا قد ذهبنا إلى المحاكم، ودخلنا فى معركة قضائية طالت، واستطالت، بهدف واحد، هو أن نتحمل عن المستثمر العربى خسائره!!.. إذ لا يتخيل المرء أن تكون شهامتنا مع المستثمر إياه قد بلغت هذا الحد!
"المصري اليوم"