سليمان جودة
هل يتخيل المهندس إبراهيم محلب، شكل حى المعادى، حيث يقيم هو، بعد أن يتم تطبيق مبدأ التصالح فى مخالفات البناء، الذى تم إطلاقه مؤخراً؟!.. فإذا تجاوزنا المعادى، كان السؤال الموجع على النحو التالى: هل يتصور معالى رئيس الحكومة شكل الأحياء والشوارع والمدن والقرى بعد أن يتم الأخذ بمبدأ فاسد من هذا النوع؟!
هل هذا هو الحل الذى يجب اتباعه فى مواجهة أشخاص بلا ذمة ولا ضمير استغلوا انشغال بعض الحكومات فيما بعد 25 يناير، وعجز وخيبة بعضها الآخر، فأقاموا الأبراج رغم أنف القانون بامتداد البلد؟!
هل يرضى رئيس حكومتنا بأن يقام فى حى المعادى برجان أو ثلاثة أو أربعة.. أو.. أو.. أياً كان العدد، لتشويه حى كنا نضرب به المثل فى الجمال والنظافة والهدوء، فإذا به يتحول إلى ما يشبه كفر المعادى.. لا المعادى البديعة التى نعرفها؟!
هل يعرف رئيس وزرائنا أن أبناء هذا الحى، الذى يسكنه هو، يكافحون منذ شهور، وربما سنوات، ويناضلون، لإزالة مبنيين مخالفين مخالفة صريحة وسافرة دون جدوى ودون أمل، حتى أصيب الناس هناك بإحباط بلا حدود؟!
هل انتبه مهندسنا محلب إلى أن التصالح فى مثل هذه المخالفات مهما كانت المبالغ التى سوف تدخل خزانة الدولة من ورائه كمبدأ، معناه أنك تكافئ المخالف، بل وتمنحه جائزة على أنه داس القانون بقدميه؟!
هل هذه هى الصورة التى نريدها لبلادنا فى النهاية.. صورة لا شىء فيها سوى أبراج الأسمنت، وسوى العشوائية، وسوى القبح الذى يخرج لسانه للقانون؟!
هل يدرك رئيس الوزراء أن هناك حلاً بديلاً تبناه شرفاء وعظماء مهندسى البلد، وهو مصادرة كل المبانى المخالفة لصالح الدولة؟!.. هل يعرف كل مسؤول ذى ضمير حى فى بلدنا أن التصالح فى مثل هذه المخالفات إنما هو نوع من العقاب الجماعى للملايين من أبناء الوطن، الذين لم يخالفوا، ولم يكن لهم ذنب فى أى يوم، فى أن فلاناً هنا، أو علاناً هناك لم يعبأ بقانون، ولم يلتفت إلى دولة، ولم يأبه بحكومة، وأقام بنيانه المخالف يخرق به كل عين، وكل قانون؟!
هل يعرف رئيس الحكومة أنه صادر غرفة واحدة مخالفة.. غرفة واحدة لوجه الله ولوجه هذا الوطن.. فسوف يرتدع كل الذين يفكرون فى أن يخالفوا فى المستقبل، دون استثناء، لأنهم سوف يكونون على يقين عندئذ، من أن أى بناء مخالف سوف يقع فى يد الحكومة مباشرة، وسوف تصادره، وسوف تهدمه أو تبيعه لحسابها هى؟!
هل يجوز أن يكون التصالح مع مخالفات البناء هو الحل الذى كانت تلجأ إليه حكومات ما قبل 25 يناير و30 يونيو، نفاقاً للجماهير، وتجنباً لوجع الدماغ، فإذا به هو نفسه الحل الذى لا تجد الحكومة سواه، بعد ثورتين؟!
ماذا فعل هذا الشعب فى حياته يارب، حتى يكون هذا هو عقابه من حكوماته المتعاقبة، وما ذنب المواطن الذى لم يخالف، ويتمنى من أعماق قلبه أن ينعم بشىء.. شىء فقط من الهدوء والجمال فى بلده.. ما ذنبه يارب؟!