سليمان جودة
أشعر بالإشفاق على الدكتور الهلالى الشربينى، وهو يخوض معركته الثانية في وزارة التربية والتعليم، دون أن يكون قد صادف الدعم الواجب في معركته الأولى على المستوى الرسمى مرة ثم على المستوى الشعبى مرات!
من قبل، كان في أعقاب مجيئه إلى وزارته في سبتمبر الماضى، قد خاض معركته الأولى، وكان يريد من خلالها أن يعيد الانضباط إلى المدارس، وكان قد خصص لذلك عشر درجات، سوف تكون مخصومة من الطالب إذا لم يكن منضبطا في مدرسته، وإذا لم يواظب على الحضور في المدرسة.
وكنت من جانبى أؤيد ذلك منه بشدة، وكنت أراها مجرد بداية، لها ما بعدها قطعاً من بدايات وخطوات.. فالمهم دائماً أن نبدأ، والأهم أن نراكم فوق ما بدأناه، وأن نواصل الطريق.
وقتها، أحزننى أن يكون أولياء أمور ضد الفكرة، وكأن كل ولى أمر، ممن اعترضوا على الدرجات العشر، لا يريد لابنه أن يكون منضبطا،ً ولا أن يراه ذاهباً إلى المدرسة، وعائداً منها، وبنسبة حضور لا يجوز أن تختل!
كنت أتصور، ولا أزال، أن يكون ولى الأمر.. أي ولى أمر.. داعما للوزير في خطواته، وهو يحاول إصلاح ما أفسدته سنوات من النظر
إلى التعليم باعتباره قضية تحتمل الانتظار!
غير أن ما أحزننى أكثر أن ينحاز رئيس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، إلى أولياء الأمور المحتجين في ذلك الوقت، وأن يتدخل، حين قرر أن يتدخل، ليلغى الدرجات العشر، أو يجمدها، لا ليقول لكل ولى أمر منهم، بأعلى صوت عنده، إن هذه دولة، وإنها دولة كبيرة، وإنها لن تأخذ موقعها بين أمم العصر إلا بشىء وحيد اسمه التعليم الجيد، وإن هذا الشىء لا يمكن أن يعتدل في مكانه، إلا إذا كان الطالب في الأول وفى الآخر عارفاً بأن انضباطه جزء أساسى في الموضوع، وأن حضوره جزء أساسى آخر في إنجاز المهمة!
خذل رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم في معركة الانضباط والحضور، وأظن أن ذلك قد حز في نفس الوزير، كما لم يحز في نفسه شىء!
اليوم.. يخوض معركته الثانية في تطوير المناهج، ويريد كما فهمت من متابعتى لجانب من النقاش حول القضية، أن يتلقى الطالب في عامه الدراسى المقبل منهجاً أفضل مما تلقاه زميله في عامنا هذا. صحيح أنه لن يكون المنهج الأفضل على الإطلاق الذي نريده، ولكنه سوف يكون أفضل درجة، أو درجتين أو حتى ثلاثاً.. سوف يكون أفضل بقدر ما.. أو على الأقل هذه هي نوايا الرجل والذين يعملون معه في هذا الاتجاه.. وكل ما أرجوه أن يدعمه رئيس الحكومة هذه المرة بجد، وأن يقف إلى جانبه بقوة، وأن يشعر كل مصرى بأن التعليم قضية دولة، لا قضية وزير على مستواه!