سليمان جودة
أبدأ بأن أسأل الأستاذ عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، عما إذا كان يرضيه التزام الصمت إزاء ما يتعرض له زميله عبدالرحمن رشاد فى مبنى ماسبيرو؟!
«رشاد» كما نعلم كان رئيساً للإذاعة حتى ثلاثة أسابيع مضت، وكان يقدم عليها برنامجه الشهير «تحيا مصر» فى كل صباح، وأظن أنه كان برنامجاً ناجحاً، ولكن، ما إن بلغ الرجل سن المعاش، حتى أوقفت الرئيسة الجديدة للإذاعة تقديمه للبرنامج، ولابد أن هذه أول مرة نعرف فيها أن خروج الإنسان، أى إنسان، إلى المعاش، معناه خروجه من العمل كعمل، نهائياً، ومعناه منعه من أداء عمل يحبه ويتفوق فيه، ومعناه قطع الماء والهواء عنه، فهذه قواعد جديدة فى العمل لم نسمع عنها من قبل!
قد يجوز لرئيسة الإذاعة الجديدة أن تفعل هذا، لأسباب ليست واضحة حتى الآن، وقد يجوز لها أن ترتكب ما ارتكبته بمبررات ليست مقنعة بالمرة.. قد يجوز هذا.. ولكن الذى لا يجوز أن يكون هذا كله على بُعد عدة أمتار من مكتب عصام الأمير، ثم يقف متفرجاً، وهو يستطيع إعادة الأمور لنصابها فى دقيقة!.. ولذلك، فالسؤال هو: إذا لم يتدخل رئيس الاتحاد لرفع ظلم من هذا النوع فمن، إذن، سوف يتدخل؟!.. ربما لا يكون هناك قانون يحكم مسألة كهذه، ولكن، فى المقابل، هناك أصول لا يليق انتهاكها هكذا علناً أمام عين الأمير.. لا يليق أبداً!
ثم أذهب إلى رسالة جاءتنى من الأستاذ أحمد أبوشادى، الذى كان يعمل سابقاً فى صندوق النقد، فى واشنطن، وهى حول مبررات إغلاق محطة مترو السادات إلى الآن، وعن الدواعى الحقيقية وراء استمرار إغلاقها، وتعذيب الملايين من ركاب المترو، من جراء هذا الإغلاق!
إن الإحساس بالأمن، كما يقول أبوشادى فى رسالته، أهم من عملية إقرار الأمن ذاته، وعندما يتوقف مئات الألوف من مستخدمى المترو، كل يوم، عند محطة السادات فى التحرير، ويضطر كل واحد منهم إلى تدبير حاله، بمعرفته، فإن هذا فى حد ذاته سوف يسرب إليه إحساساً بأنه لا أمان، إلى اليوم، فى البلد.
نعرف أن هناك تحديات كبيرة تواجه جهاز الأمن عندنا، وهو يواجه هذه التحديات مدعوماً من كل مواطن عنده ضمير، ولذلك، فإن حجم هذه التحديات، مهما كان، لا يبرر إبقاء المحطة الأساسية فى المترو مغلقة هكذا لشهور، وربما لسنوات، وإذا كنا على أبواب الاحتفال بالذكرى الرابعة لـ25 يناير، فأتمنى فتح المحطة بعد الذكرى مباشرة حتى يفهم الذين يهددون هذا الشعب فى أمنه أن الحياة سوف تسير بشكل عادى، رغم أى تهديدات، وأن الشعب، وهذا هو الأهم، لا يبالى بتهديداتهم، ولا يلتفت إليها، ويمارس حياته بشكل طبيعى، ويحتقر كل الذين يتصورون أنهم سوف يوقفون حياته عن الدوران!
وأنتهى برسالة من المهندس ممدوح رسلان، رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، وفيها يقول إن كل ما حدث فى محطة بلبيس التى افتتحها رئيس الحكومة الشهر الماضى أن مياه الخزان كانت زائدة، وأنها تسربت فى يوم الافتتاح وغمرت أرضيتها، وأن خطأ بشرياً من نوع ما كان وراء ما حدث، وأنه ليس فى الأمر فساد فى عملية إنشاء المحطة على أى مستوى!
بقى أن أعيد تذكير القارئ الكريم بأن خطأ من النوع نفسه، فى ملعب كرة بالمغرب، غمرته المياه فى أثناء مباراة جرت على أرضه، أدى إلى إعفاء وزير الرياضة هناك من منصبه، ولايزال الموضوع حديث الصحافة المغربية إلى هذه اللحظة، ولاتزال صحافتهم ترى أن إعفاءه لا يكفى!