سليمان جودة
ثم ماذا بعد؟!.. ماذا بعد أن نظل نواجه الإرهاب ذاته، بالطريقة نفسها، ثم نتوقع نتيجة مختلفة؟!
عندى هنا نقطتان محددتان، إحداهما موجهة إلى الرئيس، والأخرى موجهة إلى رئيس الوزراء، ولا أحد بينهما!
فأما التى أريد أن أتوجه بها إلى رأس الدولة، فإنى أستوحيها من الحوار المهم، الذى نشرته «المصرى اليوم»، صباح أمس، مع الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، وأجراه الأستاذان محمود مسلم، ومحمد فتحى عبدالعال.
إننى أدعوك أيها القارئ الكريم إلى أن تعود إلى الحوار، لتقرأه بهدوء، وتتأمل معانيه الواردة فيه، إذا لم تكن قد فعلت ذلك، فإذا كنت قد فعلت فسوف أحيلك، من جانبى، إلى العبارة التى يقول فيها الوزير الشجاع إن التنسيق بين وزارته وبين سائر الأجهزة التى تعنيها مسألة تجديد الخطاب الدينى فى الدولة إنما هو دون المستوى!
هذه عبارة قاسية، لسببين أساسيين: أولهما أن أجهزة الدولة- أى دولة- لا يمكن لها أن تنجز شيئاً على الأرض، إلا إذا كان التنسيق بينها عند المستوى المطلوب بالضبط، وليس دونه بأى مقدار.. والسبب الثانى أن عبارة الوزير معناها أن وزارته- مثلاً- فى وادٍ، بينما وزارات أخرى، المفروض أنها تنسق معها فى كل صباح، بل فى كل ساعة، فى وادٍ آخر تماماً، وتلك قضية خطرة للغاية، وأتصور أن ينظر فيها الرئيس، وبسرعة، ليس فى نطاقها هى فقط، وإنما فى كل نطاق آخر!
وأقول فى كل نطاق آخر، لأنى أشعر، وأرجو أن يكون شعورى خاطئاً، بأن ما يشكو منه الدكتور جمعة، فى هذه النقطة تحديداً، يشكو منه الذين يتصدون لأعمال العنف، فى سيناء، وفى غير سيناء!
التنسيق، ثم التنسيق، ثم التنسيق بين الأجهزة يا سيادة الرئيس.. إننى أرجوك أن تعطى هذا الملف ما يستحقه من اهتمام، وأن تعمل عليه بنفس طويل، وأن تفتش فيه باستمرار، وسوف تصادفك فيه مفاجآت!
وأما النقطة التى تخص رئيس حكومتنا، المهندس محلب، فإننى أعيد تذكيره، بما كان قد قاله هو نفسه عن أن هناك تفكيراً فى إصلاح ما يفسده الإخوان وأتباعهم، من أموالهم هم، بدلاً من إصلاحه من المال العام.
هذا كلام مضى عليه ما يقرب من العام، ولم يشأ له الله تعالى أن ينتقل من حيز التفكير إلى خانة الفعل، ولو شئنا لشاء الله تعالى، لأن لله، كما قيل، عباداً إذا أرادوا.. أراد!
لقد جربنا كل شىء، ولم يتوقف ممارسو الإرهاب عنه، وسوف نكون فى غاية السذاجة إذا تصورنا أن ما نقوله عنهم، وعن إرهابهم، بعد كل عملية جديدة، سوف يؤثر فيهم فى شىء، فالذى سوف يؤثر فيهم فعلاً أن نأخذ من جيوبهم، ومن جيوب داعميهم، ومن جيوب جماعتهم الأم، ثم نعيد أبراج مدينة الإنتاج الإعلامى، على سبيل المثال، إلى ما كانت عليه، وأحسن!
إذا كانت العقبة قانونية، فى سبيل تحويل تفكيرنا فى هذا الاتجاه إلى فعل، فهل من المعقول أن نظل نفكر فى تخطى هذه العقبة، عاماً كاملاً، أو ما يقرب من العام؟!.. وإذا لم تكن قانونية، فما هى بالضبط؟!.. وما ذنب الخزانة العامة للدولة، وهى تتحمل نفقات إصلاح إفساد الإخوان، كل يوم، بينما هناك لجنة ترصد أموالهم، وتحصيها، وكأنها، وكأننا نستثمرها لهم، إلى حين يخرجون من السجون، بعد عمر طويل!!
جربوا هذا الحل، ولو مرة، فهو على الأقل مختلف عن الحلول السابقة، ثم إنه حتى إذا لم يحقق نتيجة على مستوى وقف الإرهاب، فسوف يُعفى الخزانة العامة من الإنفاق على بند لا يخصها ولا تخصه!
جربوه لنرى!