سليمان جودة
في مساء السبت السابق على العيد، أجرى تليفزيون «سى. بى. إس» الأمريكى حوارا في برنامج «60 دقيقة» مع الرئيس الإيرانى حسن روحانى.
وفى الحوار، قال الرئيس روحانى إن شعار (الموت لأمريكا)، الذي ظلت بلاده ترفعه ضد الولايات المتحدة الأمريكية، منذ قامت الثورة في طهران بزعامة الخمينى، لا يعنى أن الإيرانيين كشعب يكرهون الأمريكان كشعب أيضا، وأن العكس هو الصحيح، أي أن كل إيرانى يحب كل أمريكى ويموت فيه، وأن رفع الشعار الشهير على مدى الفترة من عام 1979، حين قامت ثورة الخمينى، إلى اليوم، لم يكن إلا رغبة من قيادة الثورة الإيرانية الحاكمة، حاليا وسابقا، في التذكير بالأزمات التي تعرضت لها العلاقة بين البلدين.. وهو كلام مضحك كما ترى!
وما كاد هذا المعنى يخرج على لسان روحانى حتى خرج حميد رضا، أحد قادة الحرس الثورى الإيرانى، الذي يتبع مرشد الثورة خامنئى مباشرة، ليقول ما معناه إن ما يقوله روحانى لا يعبر إلا عن نفسه، وإن أمثال روحانى في إيران هم الذين يحاول أعداء طهران أن يتسللوا من خلالهم لضرب أولويات الثورة فيها!
طبعا.. يعرف الجميع أن روحانى إذا كان رئيسا منتخبا لإيران إلا أن هذا لا يعنى أن كلمته هي الأخيرة هناك، وإنما الكلمة في النهاية لخامنئى وحده الذي جاء خلفا للخمينى في موقعه كمرشد للثورة.
وعندما سقط أكثر من 1500 حاج، ما بين قتيل ومصاب في أحداث التدافع التي شهدها الطريق إلى رمى الجمرات في منى، أول أيام العيد، خرج نائب وزير الخارجية الإيرانى بعدها بدقائق ليقول إن السعودية لا تستطيع حماية الحجاج في أثناء تأدية مناسكهم!
ولم يكن مثل هذا التصريح ينطوى على نوع من التسرع، الذي يستبق أي تحقيق يجرى حول ما جرى للحجاج، فيكشف عن سوء نية صاحبه، ولا كان بالطبع يشير إلى أن إيران إلى هذه الدرجة تحمل هَمّ كل حاج، وتنام طوال الليل وهى تفكر في أمن الحجاج وسلامتهم، ولكنه بالأساس كان يكشف عن أن كل ما راح روحانى نفسه يروجه عن حُسن الجوار مع دول الخليج خلال زيارة قام قبل شهرين بها إلى العراق والكويت وقطر، ليس إلا كلاما لا يساوى وزنه ترابا!
تأبى إيران إلا أن تجعل كل عربى يسىء الظن بها، ولا تريد أن تعطى أحدا فرصة ليصدق حرفاً مما يخرج على لسان رئيسها شخصيا، وتجعل كل متابع لما يخرج عنها حول علاقتها بالعالم عموما، والعرب خصوصا، والخليج بشكل أخص، على يقين بأن روحانى موظف بدرجة رئيس، وأنه فقط يتكلم لأن خامنئى هو الذي يفعل.