توقيت القاهرة المحلي 00:42:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استحمار القارئ!

  مصر اليوم -

استحمار القارئ

بقلم سليمان جودة

عندما يعلن مسؤول فى البنك الدولى، على الملأ، أن البنك فى انتظار موافقة البرلمان على بيان الحكومة، ليمنح مصر قرضاً قيمته 3 مليارات دولار، كدفعة أولى، سوف تأتى بعدها دفعات أخرى، فهذا فى حقيقة الأمر إهانة مكتملة الأركان للبرلمان المنتخب، ثم إنه إهانة من النوع ذاته للحكومة معاً!

وعندما يصرح مسؤول بالبنك الدولى بمثل هذا الكلام، ثم لا يجد مسؤولاً فى القاهرة يرد عليه، بأن يضع أصبعه فى عينيه، ويفهمه أن الموافقة على البيان ستكون لأسباب تخص مصلحة المواطن المصرى فى الأساس، ولا تخص غيره فى البنك، ولا فى غير البنك، فهذا معناه أن أسباب تمرير البيان، حسب كلام الرجل المنشور فى صحافتنا المصرية بالبنط العريض، سوف تكون فى واشنطن، حيث مقر البنك، ولن تكون فى القاهرة، حيث من المفترض أن تلتفت السلطة القائمة، إلى مصالح مواطنيها، ولا تلتفت إلى كل ما هو سواها!

وعندما يتلفظ مسؤول البنك الدولى بمثل هذا الكلام الردىء، ولا يرده أحد من مسؤولينا فى قاهرة المعز، ولا حتى ترده وزيرة التعاون الدولى التى تفاوضه على القرض، فليس لهذا من معنى سوى أن المسؤول إياه يستحمر أى قارئ لكلامه، ويتصور أنه سوف يمر عليه، دون فهم، ودون إدراك، ودون رفض!

ولم يشأ المسؤول المشار إليه أن يتوقف عند هذا الحد من الإساءة لشعب بكامل أفراده، المفروض أن البيان سيمر إذا كان فقط يحقق مصالحهم الحقيقية، والعكس صحيح، ولكن ذهب المسؤول الهمام لما هو أبعد من ذلك بكثير!

ذهب لأبعد مدى، عندما قال إن قرض البنك الدولى لنا بلا أى شروط!.. وهو كلام يدل على أن الرجل يفترض فيمن سوف يستقبلون كلامه فى مصر أنهم مجموعة من البلهاء.. وإلا.. فبالله عليكم.. هل سمعتم من قبل أن البنك الدولى قد أقلع عن سياسته التى نشأ عليها، منذ عام 1945، وقرر أن يتحول إلى جمعية خيرية، توزع فلوسها باليمين مرة وبالشمال مرات، دون أى شروط؟!.. إذ ليس مطلوباً منا والحال هكذا، ولا من غيرنا بالتالى، إلا أن نطرق أبواب البنك، لطلب أى مليارات من الدولارات نريدها، وعندها سوف يستجيب البنك على الفور، ويشير مسؤولوه إلى غرفة مملوءة بالفلوس، ويطلبون ممن يريدون مالاً أن يغترفوا منها، حسبما يشاءون، دون أى مقابل!

منذ متى كان البنك الدولى يمنح دولاراً واحداً، دون شروط؟!.. بل شروط مذلة؟!.. ومنذ متى كانت فلوس هذا البنك متاحة لكل من يريدها، وبأى رقم، ودون أى شروط؟!.. إن أغرب ما فى الأمر، بل إن ما يدعو إلى الأسى حقاً أن د. سحر نصر، وزيرة التعاون الدولى، قد نشرت الصحف على لسانها كلاماً بالمعنى نفسه، ولم تفكر فى أن تسأل نفسها السؤال الآتى: إذا كانت قروض البنك بلا أى شروط هكذا، فلماذا ذهبت هى إلى هناك، وعلى أى شىء تفاوضهم هى بالضبط؟!

إلى هذا الحد وصل استحمار القارئ الذى يستقبل مثل هذا الكلام!!.. وإلى هذا المدى هان المواطن عندنا، فى نظر مسؤوليه وغير مسؤولية؟!.. إن انتظار موافقة البرلمان على بيان الحكومة، ثم ربط القرض به، كما ترتبط المقدمات بنتائجها شرط مهين فى حد ذاته، ولكن يبدو أن مسؤولينا الذين يعنيهم الأمر لا تعنيهم إهانة برلمان، ولا إهانة بلد من بعده، فى شىء!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استحمار القارئ استحمار القارئ



GMT 22:03 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

روى السادات لأنيس

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:58 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

يكسب دائمًا

GMT 11:58 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

رأس الجبل العائم

GMT 08:05 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

مشهد لا يتسق مع تاريخ فرنسا القريب

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon