بقلم سليمان جودة
نريد من الدكتور أشرف الشرقاوى، الوزير المسؤول فى الحكومة عن القطاع العام، أن يتكلم حتى نراه، فليس معقولاً أن تعود وزارته، بعد إلغائها بسنوات، دون أن يقال للناس لماذا عادت، ودون أن نعرف كيف يفكر الرجل الجالس على رأسها!
وقد قرأت كلاماً عابراً للرجل يقول فيه إنه يفكر فى التعامل مع شركات القطاع العام، وفق نظرية الإدارة بالمشاركة، الموجودة فى الفنادق فى مصر، وفى خارجها، والتى تقوم فى أساسها على فكرة الفصل بين المالك وبين المدير.
والمعنى فيما يبدو أن يكون رئيس أى شركة قطاع عام، من خارج هذا القطاع نفسه، ومن خارج الحكومة، ليدير الشركة حسب مبدأ الربح والخسارة وحده، ثم ليكون عارفاً منذ البداية أن الشركة التى يديرها لو خسرت فى آخر العام فلن يبقى هو مكانه!
وإذا صح هذا المعنى، من كلام الدكتور الشرقاوى، فهو خطوة أولى ممتازة، لكن لابد أن تتبعها وتتوازى معها خطوات، ثم إذا كان لى أن أقترح شيئاً عليه، فهذا الشىء هو أن يطلب تقريراً من سفيرنا فى بولندا، عن الطريقة التى تعاملت بها الحكومات البولندية المتعاقبة مع حكاية القطاع العام، منذ أن تخلصت بولندا من نظام الحكم الشيوعى، وقررت أن تكون عضواً فى الاتحاد الأوروبى، وأن تتعامل مع جارتها ألمانيا، رأساً برأس.
اطلب هذا التقرير يا دكتور شرقاوى، وسوف تجد فيه ما يفيدك، ويفيد هذا البلد، ويوقف إهداراً للمال العام فى القطاع العام، لا يجوز أن يستمر فى وجودك، ولا يجب أن تسمح به تحت أى ظرف!
اطلبه يا دكتور شرقاوى، وسوف ترى كيف أن بولندا حين تحولت عام 1991 من دولة القطاع العام إلى دولة أخرى لا مكان لشركة خاسرة فيها، فإنها أتت بورقة وقلم، وقالت لمواطنيها، بوضوح لا يحتمل أى لبس، إن عدد شركات القطاع العام عندهم هو كذا، وإن 37 منها فقط هى التى سوف تستبقيها الدولة، لاعتبارات محددة، وإن ما عدا ذلك سوف يتم طرحه للبيع، وفق خطة معلنة ومتدرجة، وإن البيع ليس من الضرورى أن يكون لمستثمر أجنبى، وإنما يجوز أن يكون للمواطنين أنفسهم، ليصبحوا هم المالك، وليكونوا، عندئذ، هم الجمعية العمومية التى تحاسب رئيس الشركة، إذا خسر مليماً واحداً فى آخر كل سنة!
اطلبه يا دكتور شرقاوى، وسوف تكتشف أن عندهم تجربة ناجحة، وأن علينا أن نأخذ منها ما يفيدنا، وأنهم عندما قرروا إنشاء وزارة، كالتى تجلس على رأسها أنت، وضعوا لها سقفاً زمنياً، تنجز فيه تماماً ما هو مطلوب منها، فى اتجاه وقف إهدار أى قرش من المال العام!
اطلبه يا دكتور شرقاوى، وسوف تجد أنهم سوف يلغون هذه الوزارة، هذا العام، لأنها حققت ما قامت من أجله، وأرجو أن تبادر أنت وتقول إن وزارة قطاع الأعمال لها هدف محدد، من وراء عودتها، وإن هذا الهدف سوف يتحقق عام كذا، وإنها سوف يتم إلغاؤها فى ذلك العام على وجه التحديد.. أو هكذا يجب!
اطلبه يا دكتور شرقاوى، من أجل خاطر المال العام المهدر فى هذا الوطن، بامتداد سنين.