سليمان جودة
نفى سامح شكرى، وزير الخارجية، أن تكون مصر قد طلبت عقد القمة العربية المقبلة على أرضها، وهو نفى يأتى بعد أن اعتذرت المغرب عن عدم استضافة القمة التى كان مقرراً عقدها فى مراكش «7 إبريل المقبل»!
ولا أعرف ما إذا كان وزير خارجيتنا قد تسرع فى هذا النفى، أم لا، ولكن ما أعرفه أن ميثاق الجامعة العربية ينظم مثل هذا الأمر، بوضوح، وأنه يقول إنه فى مثل حالة اعتذار المغرب، فإن القمة تنعقد فى دولة المقر، أى فى مصر، ما لم تطلب الدولة التى تتلو المغرب فى الترتيب الأبجدى عقد القمة عندها.
والدولة التى تتلو المغرب هى موريتانيا التى لم يخرج عنها، حتى الآن، ما يفيد أنها ترغب فى ذلك، فضلاً عن أنى أظن أن ظروفها الأمنية تجعل انعقاد القمة هناك أمراً صعباً، ثم تجعل ذهاب الرؤساء العرب بأنفسهم مسألة مستبعدة، ليكون البديل أن يرسل كل رئيس أو ملك من ينوب عنه، بما يؤدى إلى خفض مستوى الحضور، ويؤدى، بالتالى، إلى إضعاف القمة، وإضعاف ما يمكن أن يخرج عنها من رؤى لصالح كل مواطن عربى.
إن مصر ترأس القمة الحالية، ولذلك، فالمفترض أن الرئيس السيسى سوف يسلم رئاستها بنفسه إلى رئيس الدولة التالية، فهل يمكن أن يذهب الرئيس شخصياً، فى حالة عقدها فى موريتانيا؟!.. وإذا لم يذهب لأسباب أمنية مجردة، فسوف يكون من غير المستساغ أن يرسل من يسلم رئاسة القمة نيابة عن رئيس مصر!
كل الأسباب، إذن، تدعو إلى أن ترأس موريتانيا القمة المقبلة، ثم تنعقد فى شرم الشيخ، ليتسلم الرئيس الموريتانى رئاستها من الرئيس السيسى، ثم تكون هذه فرصة لأن يجتمع قادة الدول العربية فى شرم، لعل القاهرة تستطيع أن تقرب بين رؤاهم، وأن يخرجوا برؤية مكتملة، تجاه دول فى عالمنا العربى، لا يحتمل وضعها انتظاراً، خصوصاً ليبيا، وسوريا، ثم العراق، ومن بعده اليمن!
ليس هناك مواطن عربى إلا وهو حريص على وحدة سوريا، بمثل حرصه على نفسه أو على بيته، وكذلك الحال تجاه ليبيا.. وهكذا.. وهكذا إزاء سائر عواصم العرب المأزومة التى لا يجوز للرؤساء العرب أن يتركوا الحل فيها لأطماع وطموحات دول أخرى من خارج الإقليم!
وإذا كانت بوادر هدنة قد لاحت فى الأفق السورى، فليكن دعم هذه الهدنة على رأس أعمال القمة، وصولاً إلى حل سياسى يدعم وحدة الوطن السورى بأكمله، ثم ليكن على رأس أعمالها أيضاً السعى، بأى وسيلة، إلى فك الحظر الدولى عن تسليح الجيش الليبى، ليتمكن من حفظ كيان بلاده.
إذا لم تكن مصر سوف تسعى إلى أن تكون مثل هذه القمة على أرضها، وإذا لم تكن سوف تبادر فيها بإقناع سائر العواصم العربية، بما فيه صالح دمشق، وطرابلس الغرب، وبغداد، وصنعاء، وغيرها.. فمتى؟!.. وإذا لم يكن الدكتور نبيل العربى، أمين عام الجامعة، سوف يدفع فى هذا الاتجاه، الآن، وبكل ما عنده من قوة.. فمتى؟!
مصر مدعوة لأن تبادر فى محيطها دائماً، لأن تاريخها يدخرها لذلك، ومعه الجغرافيا.