سليمان جودة
قرأت كلاماً للرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى، يقول فيه ما معناه، إن الملك سلمان بن عبدالعزيز يتبنى فى الرياض فكرة ضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجى، ليصبح عدد دول المجلس سبع دول بدلاً من ست!
وكنت قد كتبت فى هذا الموضوع عدة مرات، وكان ذلك قبل أن تتغول الجماعة الحوثية فى حق الدولة اليمنية، وقبل أن يتصور الحوثيون أن فى إمكانهم ابتلاع دولة اليمن، دون أن ينتبهوا إلى أن الجماعة الإخوانية حاولت ذلك فى القاهرة، ثم فشلت، وكان لابد أن تفشل، لأن محاولة الابتلاع من جانب جماعة ضد دولة، تظل فى الحالتين ضد طبائع الأمور!
ولو أن ما يفكر فيه الملك سلمان، الآن، قد جرى الأخذ به منذ وقت مبكر، لكان من الجائز أن تتجنب اليمن ما يدور فيها، وعلى أرضها، منذ سقوط الرئيس على عبدالله صالح، مع هبوب رياح ما نسميه حالياً بـ«الربيع العربى»، مع بدايات عام 2011.
وقد كان فى إمكان دول الخليج الست أن تكفل اليمن، بمثل ما كفلت دول الاتحاد الأوروبى اليونان، فأنقذتها من مصير مشابه لمصير اليمن، لو أن دول الاتحاد تركتها وحدها.
ولابد أن الأمر لا يختلف عما كنا نطالعه فى الصحف عندنا، من وقت لآخر، من دعوة القادرين منا إلى أن يكفلوا فقيراً، وقد تطور الموضوع، فى مرحلة لاحقة، وصرنا نقرأ عن الموضوع نفسه، ولكن تحت عنوان: اكْفُل قرية!
وعلى المستوى الدولى، سواء فى حالة اليمن أو حالة اليونان، لم يعد مطلوباً أن نكفل فقيراً، ولا قرية، ولا حتى مدينة، وإنما وصلت الكفالة إلى مستوى دول بكاملها!
وفكرة الكفالة فى حالة الدول، من حيث أهدافها، هى نفسها الفكرة فى حالة الأفراد، لأن القادرين بيننا إذا لم يبادروا بالكفالة لغير القادرين، فإن القادر سوف يكتشف فى لحظة أنه غير آمن على بيته، ولا على ماله، بما يعنى أنه وهو يكفل فقيراً، أو قرية فقيرة بأكملها، فهو يكفل نفسه بشكل غير مباشر، ويحمى مصالحه هو بطريقة غير مباشرة أيضاً!
ورغم أنى ضد اقتصاد التبرعات، والمنح، والهبات، إلا أنك تتكلم هنا عن جهد متطوع، يدرك صاحبه أن له دوراً فى عالمه المحيط به، وأن حصيلة هذا الدور سوف تعود عليه، وإن بدت فى الظاهر أن حصيلتها تذهب لسواه!
إننى أقول هذا كله لأنى أريد أن أذهب بك إلى دولة أخرى فى الاتحاد الأوروبى، كفلها الاتحاد منذ البداية، واستطاع أن ينتشلها من مصير تعيس كانت ذاهبة إليه!
هذه الدولة هى بولندا، التى كانت واحدة من دول شرق أوروبا، وهى دول ظلت تدور فى فلك الاتحاد السوفيتى، حين كان اتحاداً وحين كان سوفيتياً قبل عام 1991، فلما انفصلت عن مداره راحت تتساقط واحدة وراء الأخرى، إلا بولندا تقريباً، التى تلقاها الاتحاد الأوروبى، وصمم على أن يوقفها على قدميها، وهو ما حدث فعلاً، غير أن لذلك كله قصة سوف أعود إليها بإذن الله، لأن لها علاقة بنا نحن هنا!