سليمان جودة
كل يوم، يتأكد لنا، بالدليل العملى، أن الإخوان أصل، وأن شتى جماعات الإرهاب فى المنطقة من حولنا، فرع، وأن الذين اعتقدوا ذات يوم أن الجماعة الإخوانية تؤمن بالاعتدال، أو تعرفه، إنما كانوا يضحكون على أنفسهم، أكثر مما كانوا يضحكون على غيرهم!
عندى لكم دليلان أوضح من الشمس الساطعة، أما أقربهما إلينا، فهو ما جرى فى ليبيا، قبل أيام، عندما حاصرت ميليشيات مسلحة مقر المحكمة الدستورية، لإرغامها على حل البرلمان المنتخب!
هل تذكرون، فى المقابل، كيف أن إخوان القاهرة، كانوا ذات صباح تعيس مارسوا الفعل نفسه، وحاصروا محكمتنا الدستورية، واستمروا فى حصارها أياماً، حتى لا يصدر عنها أى قرار بحل الجمعية التأسيسية التى كانت تضع دستور الإخوان؟!
هل تذكرون ذلك المشهد الذى لا يمكن أن يفارق الذهن أبداً؟!.. هل تذكرون كيف احتشد الرعاع حول المحكمة ومنعوا قضاتها الأجلاء من دخولها؟!.. هل تذكرون أن محكمة إسبانية كانت وقتها بصدد الحكم بإعادة أموال لحسين سالم إلينا، بل إعادته هو نفسه، ثم تراجعت فى اللحظة الأخيرة، لأنها رأت أن بلداً تتعرض فيه أعلى المحاكم، لما تعرضت له «الدستورية» لا يمكن أن يكون بلداً مؤتمناً على الشخص الذى تريد هى أن تسلمه لنا؟!
إذا كنا قد نسينا، فأرجو أن نستعيد ذلك المشهد المحزن، فى أذهاننا، وأن نظل نستحضره طول الوقت، لأنه فى حد ذاته يظل حدثاً نادراً فى الدلالة على شكل وطبيعة فكر الإخوان فى أعماقه، وكيف أنهم لا يؤمنون باعتدال ولا يعرفونه، وأنهم أصل الإرهاب، وأبوه، وأمه!
ميليشيات ليبيا مارست هناك، نفس ما كان الإخوان قد مارسوه على أرضنا نحن هنا، وما حدث عندهم، هو ذاته ما حدث عندنا، وكأنه صورة بالكربون، ولم يجد قضاة المحكمة الليبية، بعدما تعرضوا له، مفراً، من الحكم بحل البرلمان.. فإذا ما تساءلنا لماذا كانت الرغبة فى حل البرلمان هناك، كان الجواب أن إجمالى ما حصل عليه الإسلاميون فى انتخاباته، سواء كانوا إخواناً، أو غير إخوان، كان 20 مقعداً من أصل 200 مقعد هى إجمالى عدد مقاعده، أى أن نصيبهم كان أقل من الثُمن، لأنهم لم يحصلوا على الربع، ولا حتى على نصف الربع، ولذلك، رأوا أن أفضل طريقة للتعامل مع برلمان، ليسوا هم فيه، ولا لهم تأثير بين أعضائه، هى حله نهائياً، رغم أن عُمره لا يتجاوز شهرين!
هل اتضحت الصورة، وهل عرفنا، إذن، أن الديمقراطية عندهم، هى فقط التى تأتى بهم إلى الحكم، أو تكون لصالحهم، وماعدا ذلك، فهو ليس من الديمقراطية فى شىء، حتى ولو كان برلماناً قد جاء بإرادة من الناخبين الليبيين!
الدليل الثانى، هو ما قال به المخرف القرضاوى، عن أن البغدادى، زعيم «داعش»، كان فى شبابه من الإخوان!!.. ماذا، إذن، نريد بعد ذلك، إذا كان كبيرهم الذى علمهم الكذب، يعترف بلسانه، بأن البغدادى كان إخوانياً، أى أن ما يرتكبه هو وزملاؤه من ذبح، ومن جز أعناق، ومن إساءات بالغة لديننا العظيم، إنما كان قد تعلَّمه، ذات يوم، بين الإخوان وفى بيتهم!!
فضوها سيرة أيها الذين اعتقدتم فى أى لحظة من قبل أن الإخوان أهل اعتدال، أو أن هناك مسافة بينهم وبين مختلف صنوف الإرهاب من حولنا.. فالسماء وحدها تكشفهم فى كل صباح!