سليمان جودة
اللجنة العليا للانتخابات هى وحدها التى تملك قرار مد التصويت فى انتخابات الرئاسة، ليوم ثالث وأخير، بحيث يكون اليوم، الأربعاء، يوم تصويت، كما كان يوم أمس، وأمس الأول.
ولابد أن اللجنة عندها تقديراتها فى هذا الاتجاه، غير أنى أتمنى أن يحدث هذا، حتى تتاح الفرصة كاملة لمن لم تسعفه ظروفه فى أن يصوت خلال اليومين السابقين.. وأظن أنه سوف يكون من الملائم جداً أن يمتد التصويت يوماً ثالثاً، لأن ظروفاً كثيرة، من بينها قسوة الطقس نهاراً، منعت أعداداً لا بأس بها من الذهاب، ولابد أيضاً أن من حق هذه الأعداد أن نعطيها فرصة مضافة، للإدلاء بأصواتها، خصوصاً إذا كانت فرصة كهذه فى أيدينا، وممكنة.
فإذا امتد التصويت يوماً ثالثاً، فإن ما أرجوه حقاً هو أن أرى إخواننا السلفيين بوضوح فى الطابور أمام اللجان، لأنهم من خلال قياداتهم كانوا قد وعدونا صراحة بأنهم مشاركون فى الانتخابات بشكل عام، وداعمون لمرشح بعينه، بشكل خاص.
وأعتقد أنه لا يليق بمن يتحدث معنا، طول الوقت، بما قاله الله تعالى، وبما قال به الرسول عليه الصلاة والسلام، أن يعطينا وعداً صريحاً ثم يخلفه هكذا.. فليس هذا من الإسلام، ولا من قيم ديننا ومقاصده العليا فى شىء!
فإذا لم يمتد التصويت ليوم ثالث، وهذا ما لا أحبه، فأتصور أن من حقنا أن نتساءل عن حجم الحضور السلفى، فى تصويت الأمس، وأمس الأول، وأن نتعرف على حدود هذا الحجم بكل أمانة.
لقد رصدت فى هذا المكان، من قبل، فجوة عميقة بين القول وبين الفعل لدى الإخوة السلفيين، وقلت إن هذا حدث، بكل أسف، مرتين: مرة يوم إعلان خريطة الطريق، فى 3 يوليو الماضى، عندما كان الأمين العام لحزب «النور» السلفى، جلال مرة، موجوداً ضمن الذين صاغوها، أى أنه كان يباركها، ويعلن رضاه عنها، بينما قواعده على الأرض كانت تتصرف على نحو مختلف تماماً، بل مناقض!!.. حدث هذا، مع أنه حزب، ومع أننا نعرف أن أى حزب يعرف بطبيعته ما يسمى بالالتزام الحزبى، كمبدأ مستقر، فى داخله، بمعنى أن قيادة الحزب، أى حزب، إذا أعلنت موقفاً سياسياً محدداً، فإن على أعضاء الحزب جميعاً أن يلتزموا به، حتى لو كانوا غير مقتنعين بمضمونه.. فأين، إذن، مبدأ الالتزام الحزبى داخل «النور»؟! وإذا كان هذا المبدأ قد تعرض لاختبار، فى أثناء وضع خريطة الطريق، ثم سقط فيه، فإن لنا أن نطلق على «النور»، والحال كذلك، أى مسمى، إلا أن يكون هذا المسمى هو مسمى الحزب بالمعنى المفهوم!
وما هو أغرب، وأدعى للحزن، أن المبدأ ذاته قد تعرض للاختبار نفسه، فى أثناء الاستفتاء على الدستور، فى يناير الماضى، فسقط بذات الطريقة!
ولا أريد أن أعمم ما جرى فى مرتين سابقتين على تجربة الانتخابات على الرئاسة، حتى ينتهى اليوم الثانى من التصويت فيها، الذى أكتب هذه السطور فى أوله، أو حتى انتهاء اليوم الثالث، إذا ما كان يوم تصويت، بقرار من اللجنة العليا، ووقتها فقط، سوف يكون من حقنا أن نحكم ونقول بأن «النور» قد صدق فى وعده هذه المرة، وكان مختلفاً تماماً فى أدائه السياسى، على الأرض، عما كان فى المرتين السابقتين، أو أن نقول بأن «التالتة تابتة»، كما نردد فى أمثالنا العامية، بكل ما يترتب على ذلك من عدم ثقة فيه، مستقبلاً، ولا فى قواعده، على أى مستوى!
نقلا عن جريدة "المصري اليوم"