سليمان جودة
كاتب هذه السطور ربما يكون أعنف الذين وقفوا فى وجه الدكتور أحمد زويل، فى وقت الأزمة الشهيرة، بين جامعة النيل والمدينة التى تحمل اسم العالم الكبير!
غير أن هذا الكاتب نفسه يعود، اليوم، ليقول إننا يجب أن نترأف بالرجل قليلاً، وأن نمنحه فرصة لأن يعمل، ولأن يُتم مدينته، ولأن يبدأ العمل فيها.
لماذا؟.. لسببين أساسيين، أولهما أنى ألاحظ أن الحملة الصحفية الموجهة إليه، هذه الأيام، من زملاء أعزاء، صارت تستهدفه هو ذاته، أكثر مما تستهدف موضوعاً أو قضية هو طرف فيها.. وهذا، بالضبط، ما أتمنى أن يراجع الزملاء الأعزاء أنفسهم فيه، وسريعاً.
أما السبب الثانى، فهو أن الاشتباك فى معركة طويلة، مع الدكتور زويل، على مدى سنوات مضت، كان حول قضية عامة محددة، ولم يكن حول شخصه، ولا حول اسمه، ولا حول إنجازه العلمى الذى حصل به على نوبل.
لا.. لم تكن المعركة، من جانبى أنا على الأقل، حول شىء من هذا أبداً، وإنما كانت حول قضية عامة واضحة، وعادلة.. قضية كنا نريد أن نقول من خلالها إنه من الممكن، بل من الواجب، أن تقوم جامعة النيل، إلى جوار مدينة زويل، جنباً إلى جنب، وسواء بسواء، لأن البلد يتسع للكيانين معاً، ولغيرهما طبعاً، ولأن قيام أحدهما، ونجاحه، وصعوده، وبقاءه لا يجوز أن يكون على حساب الثانى.. لا يجوز!
هكذا كانت القضية، بكل وضوح، ولم يكن فيها شىء بخلاف هذا أبداً، وليس أدل على ذلك إلا أننى فى اليوم التالى لإنصاف جامعة النيل، وإقرار «زويل» بحقها فى أرضها، وفى الوجود إجمالاً، كتبت فى هذا المكان مقالاً كان عنوانه: أهلاً بصاحب نوبل!
كتبت هذا حين وصلت القضية إلى حل، وحين لم يعد هناك، والحال هكذا، أى مبرر للوقوف فى وجهه، ولا للهجوم عليه.
كتبت هذا لأن الهدف، من ناحيتى، لم يكن أبداً هدم الرجل، ولا الهجوم على شخصه، ولا ملاحقته، ولا استهدافه، بقدر ما كان رغبة فى إنقاذ الجامعة، ورغبة فى إقرار حقها أن يكون لها وجود، وأن تمارس دورها المفترض فى مجتمعنا، وأن تكون لها فروع فى كل محافظة مستقبلاً، وأن تقوم جامعات مماثلة لها فيما بعد، باعتبارها جامعة أهلية لا تهدف إلى الربح من وراء عملها، وإنما بوصفها جامعة تؤدى «رسالة» سامية فى مجتمعها.
كان الهدف كله هو إنقاذ جامعة، لا هدم رجل، ولا هدم مدينة تحمل اسمه.
وإذا كان الهدف قد تحقق، فأظن أن حقه أن يعمل على الأرض التى حصل عليها من الدولة، وأظن أن من واجبنا أن نمنحه الفرصة كاملة، وأظن أن هذه مسألة لن تكون محل خلاف بيننا، وأظن كذلك أنه ليس علينا أن نمنحه فرصة، وفقط، وإنما علينا أن ندعمه.
ثم إننى أظن ما هو أبعد، فأقول إن الفرصة التى أطلب منحها للرجل هنا ليست له كشخص بقدر ما هى للأمل كفكرة فى حياتنا، فامنحوا الأمل فرصة، لأنه يستحق، ولأننا نحن أيضاً نستحق!
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة