سليمان جودة
هذه من المرات النادرة، التى أضع فيها عنواناً لما سوف أكتبه، ثم أبنى عليه، ربما لأن كلمة «بروفة» كانت هى أول ما طفا إلى عقلى، حين رحت أبحث فيما علينا أن نفعله، بعد افتتاح القناة الجديدة.
ولست أقصد بالطبع ما قيل، صباح أمس، عن أن «بروفة نهائية» قد جرت للاحتفال الذى سوف يقام غداً، من حيث مكان جلوس الضيوف، ومكان مرورهم إلى أماكنهم، وكيفية تأمينهم، وعددهم الذى يصل إلى سبعة آلاف، و.. و.. إلى آخر ما قد يأتى على ذهنك فى هذا الاتجاه.
لا.. لم أقصد هذا، ولكنى أقصد شيئاً آخر تماماً.. أقصد ما سوف يكون علينا أن نخرج به من هذا المشروع الكبير، ابتداءً من صباح 7 أغسطس، ودون تأخير ساعة واحدة.
إننى أقصد أن يكون هذا المشروع الوطنى المهم ملهماً لنا، على مستويين لا ثالث لهما!
إننى أريده مُلهماً لنا، كبلد، على مستوى تمويله، ثم على مستوى ربط تنفيذه بسقف زمنى محدد بالساعة، وباليوم، منذ بدأ العمل فيه، فى 6 أغسطس الماضى.
أريده مشروعاً مُلهماً، فنأخذ من أموال المصريين فى البنوك اكتتاباً، وننفذ بها مشروعاً آخر مماثلاً، ومشروعين، وثلاثة.. وعشرة.
أريد أن نأخذ من تريليون و200 مليار جنيه مكدسة فى البنوك، لنبنى بها مشروعاً ضخماً هنا، ومشروعاً عظيماً هناك.. وعندها سوف نكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد.. سوف نكون قد أخذنا من أموال البنوك المتراكمة، وذهبنا إلى «تشغيلها» من أقصر طريق، بدلاً من أن تظل البنوك تقرضها، وتحصل من ورائها على فائدة، دون تحقيق قيمة مضافة لاقتصاد البلد، وسوف نكون قد جعلنا المصريين شركاء فى ملكية المشروعات الكبيرة، وعندئذ، سوف يكون لمثل هذه المشروعات صاحب يسأل عنها، ويخاف عليها، ويحرص على نجاحها، ويحاسب، من خلال جمعياتها العمومية، القائمين على أمرها، بالقرش، وبالمليم.
وأما المستوى الثانى، فهو أن يكون مشروع القناة بروفة للقدرة على إنجاز ما نريده فى موعده المضبوط.. إننا، والحال هكذا، سوف يكون علينا أن نتحدى أنفسنا قبل أن نتحدى غيرنا، وسوف يقودنا مثل هذا التحدى إلى أن نفى بما وعدنا به، وفى وقته تماماً.. أريد أن نأخذ هذا المبدأ.. مبدأ الالتزام بالوقت المحدد ابتداءً، لنطبقه على كل ما نريد أن نقدمه لبلدنا، أو للعالم من حولنا.
إن لك أن تتصور وضع مشروع القناة الجديدة، الآن، لو كنا قد بدأنا فيها، ثم تركنا موعد إنجازها للظروف والأحوال.. لك أن تتخيل!
اجعلوها «بروفة» لغيرها بكل معانى الكلمة، لأنها إذا كانت، كقناة جديدة، مهمة، وهى كذلك حقاً، فإن ما بعدها هو الأهم!