بقلم سليمان جودة
رأيت يوسف زادة، سفيرنا فى بولندا، ثلاث مرات: مرة فى بيته هناك، وأخرى فى مبنى البرلمان البولندى، أما الثالثة فكانت فى وزارة التنمية!
فى الأولى، روى لنا كيف أن محمد مرسى قد أبعده عن العمل، حين زار نيويورك ورآه فيها، مع دبلوماسى مصرى آخر، وعندما أحس الرئيس الإخوانى أنهما ليسا من الإخوان، ولا يتعاطفان مع الإخوان، أبعدهما، وكانت نادرة يتحدث عنها الوسط الدبلوماسى إلى الآن، ومن يومها يطلق السفير زادة على «مرسى» لقباً طريفاً، لا يسمعه أحد منه إلا وراح يضحك ملء فمه!
وفى المرة الثانية، كنا فى مبنى البرلمان، وكان أهم شيئين خرجت أنا بهما، من خلال جلسة مع بعض أعضاء البرلمان، ثم من خلال جولة فى أرجائه وبين قاعاته، أن رئيس بولندا لا يعين عضواً واحداً من بين أعضائه، وأنهم جميعاً منتخبون بجد، وأن للبرلمان عندهم، كما هو الحال عند أى دولة متطورة فى العالم، وظيفتين لا ثالث لهما: الرقابة على أعمال الحكومة، ثم تشريع القوانين.. ولا وظيفة ثالثة أبداً!
تذكرت، فى أثناء الجلسة، ثم فى أثناء الجولة، أن وقتاً قد جاء علينا فى مصر، اخترعنا فيه وظيفة ثالثة للبرلمان لا يعرفها برلمان فى العالم، هى «دعم الدولة»!.. ولابد أن أى برلمانى معتبر فى أى بلد سوف يضحك طويلاً إذا ما سمع بها، وسوف يطلب إضافتها سريعاً إلى موسوعات الطرائف، والنوادر، والغرائب، فى دنيا البرلمانات!
وفى الثالثة، كنا فى وزارة التنمية، وكانت قيادات فى الوزارة لديهم قد جلسوا يحدثوننا عن رؤية وضعتها الدولة البولندية للتنمية، ومن حُسن الطالع، كما قال اللواء رفعت قمصان، مستشار رئيس الوزراء، أن يكون عنوان الرؤية هكذا: بولندا 2030!
إنها، من حيث عنوانها، هى نفسها التى أطلقها الرئيس عندنا، فى حفل عام، قبل ثلاثة أسابيع، غير أن مداها الزمنى عندهم يختلف، لأنها بدأت عام 2011، وأقرها مجلس الوزراء البولندى فى 13 ديسمبر من ذلك العام.
عرضوا علينا عدة شرائح ضوئية، على شاشة عريضة، وكانت الشرائح توضح الرؤية، وتبين أبعادها.. وفجأة، طلب الأستاذ سيف الله فهمى، رئيس المجلس الوطنى المصرى للتنافسية، أن يتوقف عرض الشرائح، لنتأمل شريحة بعينها.. وكانت تقول إن بولندا احتلت الترتيب الثالث والأربعين فى تقرير الأعمال الصادر عن منتدى دافوس الاقتصادى، فى عامى 2014-2015، وكان مجموع الدول التى شملها التقرير 144 دولة، ولم يكن الرضا بادياً على وجوه قيادات وزارة التنمية عند عرض هذه الشريحة، رغم تقدم موقع بولندا فيها، بين الدول، لأنهم يريدون موقعاً أفضل، ويسعون إليه، ولا يتطلعون فى القائمة، إلى الدول التى تأتى بعدهم، فهذه دول لا تعنيهم فى شىء! وأنهم مشغولون بالدول التى تسبقهم.. بها وحدها!