توقيت القاهرة المحلي 04:39:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تألمت عليه مرات!

  مصر اليوم -

تألمت عليه مرات

سليمان جودة

مساء أمس الأول كنت في باريس ومررت على نهر السين الذي يجرى في قلب العاصمة الفرنسية، كما يجرى النيل في وسط القاهرة، أو فيما بينها وبين الجيزة فتألمت ثلاث مرات!

وأخشى أن يكون هذا الألم من جانبى أو من جانب غيرى ليس جديداً، فلقد تألمنا طويلا على سوء حالنا في كل ركن ثم لم يحدث شىء، وكأن الواحد منا يكتب لنفسه أو يكتب فيما بينه وبين القارئ الكريم وفقط.. أما ما عداهما من أجهزة مختصة ومسؤولة وصاحبة شأن في الموضوع على طول البلد وعرضه، فيبدو أنه ليس طرفا فيه معنا.. أو كأن الكاتب أصبح يكتب ليتسلى ويستهلك وقته مع السادة القراء ليبقى كل شىء.. كل شىء.. بعد ذلك على حاله!

إن كل شىء حولنا ينطق بأننا لم نعرف قيمة النيل الذي يجرى تحت أقدامنا بعد، ولو عرفنا ذلك حقا لكنا أكثر رشدا في استهلاك كل قطرة تجرى بين شاطئيه في الرى أو في الشرب.. وإذا لم تكن تصدقنى فاذهب بنفسك إلى أي مصلحة حكومية أو حتى غير حكومية.. اذهب إلى أي واحدة من مصالحنا ومؤسساتنا، وحاول أن تتطلع إلى حنفيات المياه وكيف نتعامل مع الماء فيها، فإذا ألقيت أنت هذه النظرة هنا فاذهب من فضلك إلى أقرب أرض في الوادى أو في الدلتا لترى بعينيك كيف أن الفلاح لايزال يروى أرضه غمرا، وكيف أن في ذلك إهدارا لثروة مائية عندنا بلا حدود، وكيف أن أحدا لم يبادر بعد من بين مسؤولينا الذين يعنيهم الأمر ليوقف هذا الإهدار، وليجعل كل مواطن، وهو يشرب أو يروى أرضه، على يقين من أن قطرات الماء التي بين يديه أغلى في حقيقتها من النفط ذاته، وأن عليه أن يتعامل معها على هذا الأساس!

تألمت وأنا على شاطئ نهر السين تارة، ثم وأنا على ظهر مركب وسط مجراه تارة أخرى، لأنى رأيت بعينى كيف أن أصحاب هذا النهر، الذي لا يصل في اتساعه إلى نصف نيلنا، يحتفون به ويهتمون، كما يهتم الإنسان ببيته، ويحمون شاطئيه ومياهه ومجراه من أي عبث، ويجعلونك وأنت تمر بجانبه تتمنى لو أخذت صورة في مكانك، ليس لأنك في باريس، ولكن لتقول، فيما بعد، لكل من تراه إن هذا الذي يبدو في خلفية الصورة هو نهر السين، وإن أهله يدركون حقيقة قيمته، وإنهم يتصرفون على هذا الأساس كما يبدو لك في ملامح الصورة، وإنهم لا يسمحون لأحد، أي أحد، بأن يعتدى، في أي وقت، لا على متر واحد من شاطئيه على طولهما، ولا على قطرة واحدة من بين قطرات الماء في أعماقه، وكأن كلمة النهر عندهم تعنى التقديس ولا تعنى شيئا سواه!

تتطلع إلى النيل في أي جزء منه فيترسخ في داخلك شعور بأنه بلا صاحب، وأنه إذا كان له صاحب فهو لايزال يبحث عنه ولانزال نبحث نحن أيضا معه عنه دون جدوى لعله يظهر يوما ويوقف هذه الجرائم في حق النهر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تألمت عليه مرات تألمت عليه مرات



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon