سليمان جودة
قال المستشار محمد المنشاوى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، إن المستشار عدلى منصور، رئيس المحكمة، التقى الدكتور أحمد زويل، وإن اللقاء استمر ساعة، وإنهما ناقشا خلالها مستقبل مصر، والظروف التى تمر بها البلاد.
وأضاف المستشار المنشاوى، فى «المصرى اليوم»، صباح أمس، أن الدكتور زويل عبر، خلال اللقاء، عن تقديره للقاضى الجليل منصور، لقيادته البلاد فى مرحلة دقيقة من تاريخها.
والحقيقة أنى لم أصدق عينى وأنا أقرأ الخبر، لدرجة أنى عدت أقرأه من جديد، وللمرة الثانية، لأتأكد من أن الذى زار المحكمة الدستورية العليا هو أحمد زويل نفسه، وليس شخصاً آخر.
وفى المرتين، كنت أقول لنفسى، إن «زويل» هو آخر شخص يجوز له أن يزور المحكمة فى الوقت الحالى، وإن زيارته لها تنقصها اللياقة، وتنقصها الحكمة، وينقصها العقل، وأكاد أقول ينقصها كل شىء.. كل شىء!
لماذا؟! لأن له قضية معروضة باسمه على المحكمة، ولأنه لم يشأ أن يقتنع برأى القضاء، الذى أنصف جامعة النيل على مدينته، فذهب بالأمر كله إلى الدستورية العليا، ولايزال الأمر معروضاً عليها برمته.
لماذا إذن يذهب الرجل إليها وهو يعرف أنه طرف أصيل فى قضية معروضة عليها؟! وماذا يريد بالضبط أن يقول من خلال ذهابه، ومن خلال نشر خبر ذهابه على الناس فى وسائل الإعلام؟! وهل يمكن لأحد أن يتصور أن زويل، الحاصل على نوبل، لا يدرك ضرورة أن يبتعد عن كل ما من شأنه أن يقال عنه إنه يؤثر من جانبه، على سير قضية معينة فى مسارها الطبيعى فى القضاء؟!
بل تزداد الدهشة من ذهابه إلى هناك، عندما نعلم أن تقرير المفوضين فى المحكمة قد انتهى إلى نصرة الجامعة على مدينته، وبالتالى فقد كان أولى به أن ينأى كلياً عن زيارة من هذا النوع، وأن يذهب لزيارة المستشار عدلى منصور فى أى مكان يشاء، إلا أن يكون هذا المكان هو مكتبه، فى مقر المحكمة على النيل. صحيح أن المحكمة لن تتأثر قطعاً بزيارة من هذا النوع، وهى تبحث فى القضية، غير أن زيارته لا تليق بأى معيار.
الغريب، بل العجيب، أنه هو نفسه قال فى لقاء أخير له مع الأستاذة لميس الحديدى إن نجاحه، كشخص، لا يجوز أن يكون على حساب شخص آخر، وإن نجاح أى مشروع يجب ألا يكون خصماً من رصيد مشروع آخر، وإن صعوده لا يعنى إسقاط آخرين على الأرض، وإن.. وإن... إلى آخر ما قال، دون أن يدرى أنه هو نفسه قد راح، على مدى سنين، يمارس عكس ما يقوله بالضبط مع جامعة النيل، وكان كل همه أن يسقطها ليصعد بمشروعه، وكان كل حلمه أن يدفنها، لينهض بمدينته، وكان كل أمله أن يقتلها لتحيا مدينته!
سمعته، وقتها، فلم أصدق أُذنى، وتساءلت بينى وبين نفسى، عما إذا كان «الانفصام» قد بلغ من الرجل هذا المبلغ، إنه يقول كلاماً، ويفعل عكسه تماماً على الأرض، فكيف بالله يتوقع منا أن نصدقه فيما يقول، وكيف بالله يتوقع أن نثق فيما قد يخرج به علينا؟!
ذهابه إلى الدستورية العليا خطأ كبير، وأكاد أقول خطيئة، لأنه أحرجها من حيث لا يدرى، ولأنه أساء إلى نفسه، قبل أن يسىء لأى أحد آخر، ولأنه لا يريد أن يفهم أنه إذا كان قد حصل على «نوبل»، باعتباره عالماً كبيراً فيما هو أقل من الذرة، فإنه فى حاجة إلى الحصول على الجائزة نفسها ولكن فى أشياء أخرى أكبر من الذرة!