سليمان جودة
كنت فى البحرين قبل سنوات، ودعانى صديق سعودى هناك إلى جولة أتفرج خلالها على جسر الملك فهد، الذى يربط السعودية بالبحرين.
الجسر يمتد لنحو عشرين كيلومتراً، وهو يجعل المواطن السعودى قادراً على الذهاب إلى العاصمة البحرينية، المنامة، فى ظرف ساعة أو أقل، والعكس صحيح مع المواطن البحرينى.. والذين مشوا فوقه يعرفون أنه تحفة معمارية، فضلاً عن أنها متعة أن تقطع جسراً بهذا الطول، بينما الماء يتلألأ بامتداد الأفق من حولك، فى الجزء الأكبر من الطريق!
تذكرت تلك الجولة على «جسر فهد» فى اللحظة التى قرر فيها الملك سلمان بن عبدالعزيز إحياء فكرة إنشاء جسر بين مصر وبلاده، وقرر أن ينقلها من مجرد فكرة، دار حولها كلام كثير على مدى سنوات مضت، إلى جسر من لحم ودم!
وحين يرى «جسر سلمان» النور فسوف يكون شرياناً للحياة، بالمعنى الحقيقى للحياة، عندما تدب فى العلاقة بين بلدين على مستوى البشر فيهما.
ويكفى، فى هذا السياق، أن تعود إلى كلام منشور فى «المصرى اليوم»، صباح أمس، للدكتور إبراهيم الدميرى، وزير النقل الأسبق، لترى منه أن الجسر سوف لا ينقل البشر ولا الشاحنات فقط، ولكن خطوطاً للغاز والكهرباء، يمكن أن تمتد على جانبى جسم الكوبرى ذاته، ما امتد جسمه فى الاتجاهين!
والمؤكد أن الاعتراضات البيئية، وغيرها مما كان يُثار عند إثارة الفكرة من قبل، سوف تؤخذ فى الاعتبار، وسوف يكون «جسر فهد» مثالاً حياً أمامنا، نأخذ منه الدروس، ونضيف إلى جسر سلمان ليتجسد على الأرض، حين يتجسد، وقد خلا من العيوب وتفادى كل المحاذير!
ولابد أن تجربة المغرب، على وجه التحديد، تقول لنا إنه ليس أفضل للدولة من أن تشق طريقاً، أو تمد جسراً، لتخدم قضية التنمية عندها، على أفضل ما يكون!
لقد وضع الملك محمد السادس، منذ أن جاء إلى الحكم فى الرباط قبل 16 عاماً، مسألة البنية الأساسية أمام عينيه، ومن بين كل صور هذه البنية، فإنه اختار الطرق الممهدة جيداً بشكل خاص، ثم راح ينجز فيها ويضيف.
ومن يومها، صار فى إمكان الزائر لأرض المغرب أن يقطعها طولاً وعرضاً بسهولة، وأن يجد فى ذلك متعة كبيرة مهما طال به السفر، لأن الطريق فى كل متر منه يشجعك، ثم يغريك، وعلى جانبى أى طريق سوف تلاحظ أن البشر يتواجدون حيث يوجد الطريق، أو الجسر، وحولهما تنشأ، ثم تنشط الحركة، ومعها العمل.
ولذلك كله، فإن الملك سلمان انحاز إلى الإنسان، حركةً وعملاً، حين أحيا جسراً للباحثين عن الفرص فى بلدين!.