توقيت القاهرة المحلي 10:20:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حامل الماجستير والدكتوراه!

  مصر اليوم -

حامل الماجستير والدكتوراه

سليمان جودة

لا أصدق أن يكون الشاب حاصلاً على درجة الماجستير فى الجامعة، ثم يقف متظاهراً أمام مجلس الوزراء، طالباً من الحكومة أن تجد له وظيفة فى دواوينها العامة.. لا أصدق هذا، ولا أستوعبه، لولا أنه حدث من قبل مراراً، ولايزال يحدث، وكانت آخر المرات التى جرى فيها هى صباح أمس الأول بكل أسف!

أسارع من جانبى فأقول إنى بالطبع أتعاطف بقوة مع أى شاب باحث عن عمل، وأتمنى لو أننى ساعدته فى العثور على فرصة عمل، وأتبنى رغبته فى أن يجد شغلاً، ولكنى، فى الوقت نفسه، أتقبل أن يتظاهر عمال النظافة - مثلاً - أو غيرهم، أمام مبنى مجلس الوزراء، مطالبين بحوافز، أو بزيادة فى الراتب، أو بالتثبيت، أو... أو... إلى آخره. ولكنى لا أتقبل أن يكون الشباب الحاصلون على الماجستير واقفين إلى جوارهم، يرفعون المطالب نفسها.. لا أتقبله ولا أستسيغه، مع تقديرى بطبيعة الحال لكل واحد فيهم.

لا أتقبله ولا أستسيغه لأن الشاب الحاصل على درجة علمية كهذه أفترض أنا فيه أنه باحث من النوع الممتاز، وأنه صاحب عقلية نابهة، وأن مكانه، بالتالى، ليس عند الحكومة، ولا فى دواوينها العامة، لأن أى جامعة خاصة، مصرية أو غير مصرية، سوف تتخطفه فى هذه الحالة، ولأنه سوف يجد عروضاً، لا عرضاً واحداً، من مركز بحثى هنا، ومن آخر هناك، وسوف يكون عليه أن يرفض وظيفة الحكومة، حتى ولو سعت هى إليه.. أو هكذا نفترض.

إننى أعرف شاباً حاصلاً على درجة الدكتوراه.. نعم الدكتوراه لا الماجستير فقط.. وقد حدث أنه راح يتظاهر مع آخرين مثله، فى أيام حكومة الإخوانى عصام شرف، الذى كان كل همه أن يبدو أمامنا أنه مع الثورة، ومع الثائرين، ومع الثوار، بصرف النظر عن حقيقة موقفه وانحيازه الإخوانى، ولذلك فإنه قرر تعيين عدد من أصحاب الدكتوراه فى وظيفة بألف جنيه فى الشهر!

سألت الشاب عما يفعله بالألف جنيه، فلم يرد خجلاً، ورأيت فيها إهانة للشاب، وللدكتوراه التى يحملها، وللجامعة، ولكل قيمة علمية!

أريد أن أقول إن الشاب إذا كان قد تجاوز مرحلة البكالوريوس أو الليسانس وأصبح من أصحاب الماجستيرات والدكتوراهات، فلابد أنه قد نسى حكاية الحكومة، ووظائفها، ودواوينها العامة، ودرجاتها الوظيفية، وراح يحلّق فى أفق آخر تماماً.. أفق لا يؤمن بالوظيفة الحكومية، ولا يعتقد فيها، ولا ينتظرها، ولا يراها تناسبه على أى وجه!

إننى أخشى أن تكون درجة الماجستير قد وصلت هذه الأيام إلى حد لم تعد معه تؤهل حاملها لأكثر من وظيفة حكومية.. أخشى ذلك بشدة، لأنى وقت أن كنت مسؤول عن صفحة الرأى فى صحيفة «الوفد» ووقت أن كنت رئيساً لتحريرها، كانت تأتينى مقالات يحمل أصحابها درجة الدكتوراه، وكنت أسأل نفسى بعد أن أقرأ المقال منها: هل حقاً حصل صاحبه على الدكتوراه؟!.. بل كنت أسأل نفسى فى ألم: كيف جاز للجامعة أن تقذف إلى الشارع بخريج هذا هو مستواه فى لغته الأم؟!.. كيف يكتب «دكتور» مقالاً بهذه الرداءة، ثم لا يستحى وهو يطلب أن ينشره على الناس.

أعود لأقول إنى أشفق على كل شاب يبحث عن عمل فلا يجد، وأتألم له، ولكن.. حين يكون حاصلاً على الماجستير أو الدكتوراه فإننى أربأ به أن يتظاهر فى سبيل التعيين بالحكومة، وأهمس فى أذنه بأن مكانه ليس فى أى وظيفة من وظائف الحكومة أبداً، ولا على رصيف مبناها، وأن مكانه فى أماكن ومواضع مختلفة تماماً.. أماكن ومواضع أرقى وأعلى.. أماكن ومواضع تليق بالدرجة العلمية التى يحملها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حامل الماجستير والدكتوراه حامل الماجستير والدكتوراه



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon