سليمان جودة
لا نملك إلا أن نقول للدكتور أحمد زويل: حمداً لله على السلامة!.. نقولها للعالم الكبير ثلاث مرات، مرة لأن الله تعالى قد من عليه بالشفاء، وأخرى لأنه قد ركب الطائرة وعاد إلى مصر، وثالثة لأنه قد ظهر على الناس!
نقولها للرجل بصدق، ثم نسأله، بل نرجوه أن «يفعل» شيئاً هذه المرة لبلده، وأن يكون ما مضى من مسيرته مع البلد مختلفاً تماماً عما هو مقبل.
وأتمنى لو يلتفت الدكتور زويل إلى معنى أن أضع فعل «يفعل» بين قوسين، حين أخاطبه.. إننى أضعه لعله هو ينتبه إلى أن الملايين عندما طالعوا صورته على يمين الرئيس، فى اجتماع مجلس مستشارى كبار علماء مصر، أول هذا الأسبوع، ثم طالعوا صورة الدكتور مجدى يعقوب على يسار الرئيس، فى المشهد ذاته، فإنهم قد تساءلوا بالضرورة عما «فعل» الدكتور زويل لبلده، إذا ما قورن بين ما فعله يعقوب فى أسوان؟!
تساءلوا بأمانة وتلقائية، ولم يجدوا جواباً، بل اكتشفوا العكس بزاوية مائة وثمانين درجة، وهو أن زويل قد أخذ من البلد، ولم يعطه شيئاً إلى الآن.. قد يعطيه غداً، أو بعد غد، أو بعد بعد غد.. الله أعلم، لكننا نتكلم عما بين أيدينا إلى هذه اللحظة.. نتكلم ونتساءل عما أعطاه لوطنه، فلا نعثر على شىء.. أى شىء!
بل نعثر على قصر فخم أخذه من الحكومة فى جاردن سيتى، وهنا لابد من أن نطرح سؤالاً مشروعاً: هل كان الإعلام سيسكت، لو أن أحداً بخلاف زويل قد حصل على هذا القصر؟!.. وهل يجوز للإخوانى عصام شرف، صاحب الأيام السوداء فى الحكم، وصاحب أردأ حكومة، أن يمنح واحداً من أصدقائه، الذى هو زويل، قصراً يملكه الشعب؟!.. ومنذ متى كانت قصور الدولة الأثرية والتاريخية، يجرى توزيعها هكذا على أصدقاء آخر الليل؟!
ولم يكن القصر هو الشىء الوحيد، الذى أخذه زويل، فى مقابل لا شىء منه للبلد.. لقد حصل على الملايين من البنك الأهلى، تبرعاً لمدينته التى لاتزال حبراً على ورق، ولسنا ضد أن يأخذ من أى بنك ما يحب، غير أننا نتساءل عن مدى حق البنك الأهلى فى أن يمنحه هذا المبلغ، وعما إذا كانت هذه الأموال أموال مودعين، أم أموال من بالضبط؟!.. وهل يجرؤ بنك أمريكى، حيث يقيم هو، على أن يمنحه دولاراً واحداً، دون أن يكون هذا الدولار من حقه فعلاً ودون أن يقال للأمريكان لماذا حصل عليه؟!
أخذ الدكتور زويل.. وأخذ.. وأخذ.. من بلده، وظل يطلق الوعود عما سوف يعطيه، دون أن نرى شيئاً، ونريد أن نرى هذه المرة هذا الشىء.
نسيت أن أقول إنه فيما أخذ قد أخذ أرضاً لمدينته يمكن تقديرها بالمليارات، ولسنا ضده هنا بالطبع، بل نتمنى أن تضاعف له الدولة مساحة الأرض، إذا شاء، بشرط أن «يفعل» عليها شيئاً نراه بأعيننا، ونمسكه بأيدينا، ونعاينه بأبصارنا على الملأ، كما نعاين مشروع يعقوب، فى أسوان، سواء بسواء.
ثم إننى أهمس فى أذنه بأن يبحث عن طريقة يعوض بها جامعة النيل عما أصابها على يديه.. إنها الآن، بطلابها، وأساتذتها، وأعضاء هيئة تدريسها، تلعق جراحها، وتداوى آلامها، ولابد أن لها فى رقبته تعويضاً أدبياً، ومعنوياً، ومادياً أيضاً، لعلها فى يوم تنسى ما كان منه فى حقها!
د. زويل.. كافئ البلد الذى أنجبك وقدمك للعالم.. ولو مرة واحدة!