سليمان جودة
فجأة.. قررت إندونيسيا سحب عمالتها من 21 دولة حول العالم، بينها تسع دول فى المنطقة هى: مصر، السعودية، الإمارات، الكويت، الأردن، عمان، البحرين، لبنان، قطر!
والقرار ليس سحباً للعمالة القديمة، فقط، وإنما يمتد إلى وقف تصدير أى عمالة جديدة، فى المستقبل، مع وضع سقف زمنى لعملية السحب هو آخر 2015.
ويبدو أن السعودية هى صاحبة أكبر نصيب فى هذه العمالة، لأن فيها وحدها 700 ألف عامل إندونيسى، ولأن صحف المملكة كانت الأكثر اهتماماً بالخبر من غيرها، ولأن زيارة الرئيس الإندونيسى للرياض، الأسبوع الماضى، كانت، فيما يبدو، قد ناقشت هذا الموضوع، ضمن موضوعات أخرى طبعاً، غير أن الزيارة لم تفلح فى وقف القرار، لأن سلطات إندونيسيا قالت إنه قرار نهائى ولا رجعة فيه، وإن السقف الزمنى لعودة عمالتها من الـ21 دولة لا نقاش فيه أيضاً.
والواضح أنه قرار مدروس، بدليل أنه لم يطلب من العمالة الموجودة فى الدول الإحدى والعشرين أن تعود غداً، ولا بعد غد، وإنما بعد 15 شهراً كاملة، والمعنى أن العامل الإندونيسى الذى يشتغل فى القاهرة - مثلاً - سوف يكون من حقه، إذا كان يعمل وفقاً لعقد سنوى، أن يجدد عقده، آخر هذه السنة، لمدة واحدة يعود بعدها لبلاده نهائياً!
ومما يدل كذلك على أنه قرار مدروس، أن العاصمة الإندونيسية، جاكرتا، وهى تسحب عمالتها، لم تسحبها من كل الدول، ولكن من 21 دولة محددة، بما يعنى أن وضع العمالة فى كل بلد قد خضع لدراسة جادة، ليتقرر بعدها أن يعودوا من تلك الدول المذكور اسمها فى القرار.
ولم تترك الحكومة الإندونيسية القرار خالياً من أسبابه، فقالت إن السبب هو أن عمالتها تتعرض فى هذه الدول لمعاملة غير منصفة، وتتقاضى أجوراً متدنية.
ولابد أنه نوع من الحرص على كرامة المواطن يستحق التحية للحكومة هناك، كما لابد أن حكومات كثيرة فى الدول العربية التسعة تحديداً، خصوصاً حكومتنا الجديدة، مدعوة لأن تتعلم من إندونيسيا درساً فى هذا الاتجاه.
ثم لابد أيضاً أن ما حدث يجعلنى أهنئ الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، على تجديد الثقة فيها، وأهنئ جمال سرور، وزير القوى العاملة، لأدعوهما معاً، بعد ذلك، إلى أن يتبنيا دعوة قديمة، كنت قد ألححتُ عليها مراراً فى هذا المكان، بأن ننشئ عندنا معاهد أو مدارس لتدريب عمالتنا، سواء كانت عُمالاً فى بيوتنا، أو حراساً على أبوابها أو سائقين، أو.. أو.. فنحقق هدفين فى وقت واحد: الاستغناء عن كل عمالة مستوردة، ثم إتاحة فرص العمل لعشرات، وربما مئات الآلاف من عمالتنا، غير الكفء، وغير المدربة، وغير الصالحة لأى شىء.