سليمان جودة
أظن أن نواب البرلمان الذين ثاروا على قرار إقالة اللواء خالد الصدر، أمين عام مجلس النواب السابق، لم يقرأوا «الرسالة» من وراء القرار جيداً!.. ولو فهموها على حقيقتها لكانوا قد وفروا على أنفسهم عناء ما فعلوا!
فالتصريحات التى صدرت عن بعضهم منذ فترة تقول إن هذا البعض منهم متربص بالحكومة، منذ الآن، وإن هذا البعض أيضاً بدأ فى تسخين نواب آخرين، من أجل رفض بيان الحكومة، عندما يأتى أوان عرضه على المجلس!.. وهو وضع يبدو على بعضه غير مريح للدولة!
وأظن كذلك أن الدولة قد أحست بأنها أمام نواب يريدون أن يكونوا زعماء تحت القبة، فأرادت، من خلال قرار الصدر، أن تذبح لهم القطة، منذ اللحظة الأولى، وأن تقول لهم إنها تريد نواباً تحت القبة، لا زعماء بأى حال، وإن أحداً منهم إذا كان يرغب فى أن يكون زعيماً فليكن زعيماً خارج المجلس، وعلى حسابه، وليس على حساب الحكومة، ولا على حساب الدولة كلها!
ولو أن الذين ثاروا وانتفضوا، بسبب قرار إقالة الأمين العام السابق، قد انتبهوا، لكانوا قد لاحظوا أن الدولة قد طاوعتهم فى كل ما أرادوا بعد القرار، ثم كان القرار النهائى لها.. وليس لهم!
قالوا نريد لقاءً مع المستشار مجدى العجاتى، وزير الشؤون القانونية وشؤون مجلس النواب والقانونى العتيد، فقال لهم الرجل: على الرحب والسعة.. وجلس معهم، واستمع منهم، ثم ودعهم، ولسان حاله، الذى هو لسان حال الدولة، يقول: الأمين العام هو المستشار أحمد سعد، وليس اللواء خالد الصدر!
وقالوا نريد إرسال مذكرة إلى مكتب الرئيس، فتلقى المكتب المذكرة، بينما لسان حاله يقول ما سبق أن قاله المستشار العجاتى، وبكل تأكيد!
وطرقوا باب المهندس شريف إسماعيل، رئيس الحكومة، فكان رده: اهدأوا.. واطمئنوا، ولكن خذوا بالكم أن الأمين العام هو أحمد سعد، وليس خالد الصدر!
والقضية بالطبع ليست فى سعد، ولا فى الصدر، مع الاحترام الواجب للرجلين، وإنما فى أن الدولة لابد قد قرأت فى الأفق أن نواباً بغير عدد قد دخلوا برلمان 2015، ليصنعوا زعامة فى داخله، لا ليمارسوا ما يجب على كل نائب أن يمارسه فى هدوء، ابتداءً من المشاركة الجادة، لا المظهرية، فى تشريع القوانين، وانتهاءً بالرقابة الموضوعية، لا الحنجورية، على أعمال الحكومة.. قرأت الدولة هذا، ورصدته، فأرادت من خلال قرار الأمين العام أن ترد العقل إلى الذين يمكن أن يكون الفوز بالعضوية قد أفقدهم إياه، ثم أرادت أن تمرر للجميع رسالة، غير مباشرة، تقول: أنا هنا!.. لعل كل واحد يلزم حدوده ويفيق على حقيقة قد ينساها فى غمرة انتشائه بالفوز، وهى أنه نائب عن الأمة.. لا زعيم عليها!