سليمان جودة
اليوم.. سوف يطالع القارئ الكريم، فى صفحات «المصرى اليوم»، رداً من المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، على سطور كنت قد وجهتها إليه، من هذا المكان، صباح أمس، تحت عنوان «هذا هو جسد محلب.. فأين عقله؟!».
والحق أنى لا أريد أن أعيد ما قاله الرجل فى رسالته، فسوف يطالعها القارئ بتفاصيلها فى مكانها، غير أنى أريد أن أصارح رئيس وزرائنا، بأنى كنت قلقاً للغاية، وقت أن كتبت سطورى إليه، وقبل رسالته، ثم حدث أن اطمأننت الآن، وبعد أن طالعت كلماته، كلمة، كلمة!
اطمأننت، وربما ازددت اطمئناناً، لأنى حين طرحت عليه بعض مخاوفى من أن يحرمه وجوده الدائم فى الشارع، من فرصة التفكير الهادئ، إنما كنت أنقل إليه قلق كثيرين صادفتهم فى أكثر من مكان، وفى أكثر من محفل عام، وكانوا كلهم شديدى الامتنان للمهندس محلب، على تواجده الدائم بين الناس، حيث هم، ولكن هذا كله، كان يزيد هؤلاء الكثيرين قلقاً على أن يكون عقل المهندس محلب مستغرقاً بكامله، فى الزيارات، والجولات، والمرورات التى لا تنقطع من أول نهاره لآخره!
الآن.. وبعد رسالته التى تشير إلى أنه شديد الوعى بما نبهت إليه، فإننا لا نملك إلا أن نشكره، وإلا أن نشد على يديه، وإلا أن نصارحه بأن من واجبنا تجاهه، كرئيس وزراء مسؤول، أن نضع بين يديه، ما نشعر به، وما يثير هواجسنا، وقلقنا، ليكون من حقنا عليه، أن يبدد الهواجس، وأن يقطع أسباب القلق.
إن الرجل على يقين، من أنى كنت شديد الحماس له، قبل أن يصل إلى منصبه الحالى، ولاأزال على حماسى له طبعاً، مع كثيرين غيرى، ممن يخلصون له النصح، لوجه هذا الوطن، لا لوجه أى شىء آخر أبداً، ولذلك، فلابد أنه على يقين مماثل من أن السطور التى توجهت بها إليه، صباح الأمس، فى هذا المكان، كانت من المنطلق ذاته، أقصد المنطلق الذى يريد أن يرى هذا الوطن فى أعلى سماء، ثم لا يريد، وفقط، وإنما يسعى إلى ذلك سعياً محموماً لا يعرف التباطؤ، ولا الكسل، ولا التراخى عن أى عمل.
ولعلك يا سيدى لاحظت، أنى فيما كتبت، لم أكن ضد أن تتجول، وتزور، وترى فى أنحاء البلد ما تحب، فى الوقت الذى تشاء، ولكنى كنت أريد أن ألفت النظر إلى أن هناك مسؤولين آخرين فى البلد، هم دونك من حيث حجم المسؤولية، ولابد أن كل واحد من هؤلاء لو قام بما يجب عليه أن يقوم به فى مكانه، فسوف لا تكون أنت فى حاجة إلى بذل هذا الجهد كله، وسوف تكون هناك فرصة، بل فرص أمامك، لتنعم ببعض الهدوء، تستطيع خلاله أن ترى فى هدوء أيضاً، أين أنت، وأين نحن معك، ثم إلى أين سوف يكون علينا جميعاً أن نتجه.
وبما أن رسالتكم، تكشف عن أن وراء حركتكم الدائبة «فلسفة» واضحة لديكم، فهذا مما من شأنه أن يبعث الاطمئنان فى نفوس القلقين، بقدر ما يبعث فيهم الأمل!
كنت فى سطورى، أريد فقط أن أطمئن، على أن عقلك فى مكانه الذى نريده، وأنه يعمل بكامل كفاءته، وسط هذا الصخب اليومى، فوجدته حاضراً، بل منعقداً بكامل هيئته.. فشكراً لك لأنك طمأنتنا!.. وقد كان هذا وحده هو المطلوب إثباته!