كنت أتمنى لو أنى حضرت لقاء، سوف ينعقد مساء اليوم، بين المهندس إبراهيم محلب، وبين رئيس تحرير «المصرى اليوم»، وعدد من الزملاء الكُتاب فى الجريدة، لولا أنى، فى وقت اللقاء، سوف أكون بإذن الله فى المغرب.
ولابد أنها سوف تكون فرصة لأرى، عن قرب، ماذا بالضبط يشوب العلاقة بين القاهرة، وبين الرباط، هذه الأيام، رغم ما بينهما، بامتداد الزمان، من صلات لها من العُمق ما تستطيع به أن تحتوى أى شائبة، يمكن أن تطرأ من هنا، مرة، أو من هناك مرات!
كنت أتمنى، إذن، لو حضرت لقاء المهندس محلب، لسببين، أولهما أن أضع بين يديه كلمة شكر، ثم أضع إلى جوارها كلمة عتاب!
أما كلمة الشكر، فلأنه يحرص، ربما كما لم يحرص رئيس وزراء من قبل، على أن يتواصل مع الإعلام بوجه عام، ثم مع الإعلام الجاد بشكل خاص، وهو، أى رئيس وزرائنا، يفعل ذلك قطعاً، عن إدراك مؤكد لديه بأن للإعلام دوراً مهماً فى عمله، وفى إنجازه، كأول رئيس حكومة مع الرئيس السيسى، أولاً، ثم كرئيس حكومة يمارس مهامه فى بلد قامت فيه ثورتان فى أقل من ثلاث سنوات!
إننى حين أقرأ لزميل تواصل معه رئيس الوزراء حول شىء يكون قد كتبه، أحسد المهندس محلب على أن يكون عنده كل هذه التلال من الهموم، فى كل اتجاه، ثم يجد، فى الوقت نفسه، مساحة من وقته، يشرح خلالها لهذا ما قد يكون قد استغلق عليه، ويوضح، خلالها أيضاً، لذاك من الزملاء ما قد يكون لم ينتبه إليه!
أحسده لأنى أتصور أن رجلاً فى مكانه، وفى ظروف وجوده فى مكانه، يكاد يقتنص ساعات نومه بالعافية، ويود لو أنه اختصرها لينجز لبلده ما يحب أن ينجزه، وما يحب كذلك أن يقال عنه، فيما بعد، أنه قد جاء إلى منصبه فأخذه بالجدية الواجبة.
أما كلمة العتاب، فهى على أشياء قليلة أحياناً تفوته، هى قليلة لكنها مهمة، وربما تفوته فى زحمة العمل، وفى صخبه، وفى ضوضاء تسود من حوله، ومع ذلك، فإنها لا يجوز أن تفوته، وإن فاتته، فلا يجوز أن تفوت مكتبه، الذى لابد أن يكون فى منتهى اليقظة، إزاء ما يقال فى الإعلام، فى كل يوم، وأن يفرق جيداً بين ما يمكن إهماله فيه، وما لا يمكن إهماله.
من هذه الأشياء، مثلاً، ما جاء فى مقال زميلنا «نيوتن»، صباح الجمعة، حين تساءل عما إذا كانت البدلة الواقية، التى ارتداها خبير المفرقعات، وتعامل بها مع قنبلة الهرم، غير مطابقة للمواصفات، وعما إذا كانت مواصفاتها غير المطابقة تحتاج تحقيقاً فى عملية استيراد هذه البدل على بعضها؟!
إننى لا أظن أن زميلنا، حين أثار هذه المسألة، كان يطعن فى جهاز الشرطة، فكلنا يعرف ماذا قدم هذا الجهاز من تضحيات، منذ 30 يونيو 2013، ومنذ ما قبل 30 يونيو، ولايزال بالطبع يقدم، وكلنا يضع هذه التضحيات على رأسه، من فوق، ويقدرها حق تقديرها.. غير أن هذا كله لا ينفى أن نسارع إلى التعامل مع أى سلبية، قد تبدو فى أثناء العمل والممارسة، ويمكن أن تنال من الجهاز كله، عن غير قصد طبعاً.
كنت أتخيل أن أقرأ لزميلنا، فى اليوم التالى مباشرة، أن فلاناً من المسؤولين قد اتصل به فى الصباح الباكر من يوم النشر، وأخبره بأن ما جاء فى عموده موضع تحقيق جاد، من أجل الوصول إلى الحقيقة فيه، وإعلانها على الناس بكل صدق.
هكذا.. يبرئ الجهاز وأى جهاز آخر نفسه، وأولاً بأول، من أى شىء قد يسىء إليه، ثم إنه يترك شعوراً لدى الرأى العام بأن ما يُنشر عنه، يؤخذ بجدية فى ساعته، ولا يفوت.
أقول هذا كله، لأن قطاعات الرأى العام فى البلد، حين تتابع شيئاً من ذلك التواصل المطلوب، وتراقبه، سوف تستشعر الارتياح، وسوف لا يصيبها إحباط، لا نريده لها، ولا نرضاه.