سليمان جودة
سألتُ شابة جامعية تخرجت فى أكاديمية عليا: ما رأيك فى اختيار شريف إسماعيل رئيساً للحكومة؟!
كان ذلك عصر الثلاثاء، أمس الأول، فأجابت الشابة الجامعية المتخرجة قبل سنوات: مَنْ شريف إسماعيل؟!
قالتها البنت بصدق وبتلقائية، ولم تكن تريد أن تقلل من شأن الرجل أبداً، بادعاء أنها لا تعرفه، أو أنها تعرفه ولا ترى له وزناً، لا سمح الله، لأنى حين ناقشتها اكتشفت أنها لم تسمع به فعلاً!
أعود لأقول إنه لا يعيب شريف إسماعيل كوزير للبترول ألا تعرفه فتاة جامعية، لأن وزير البترول فى العادة ليس وزيراً جماهيرياً، ولا هو من وزراء الخدمات الذين ينشغل بهم الناس.. ولكن أن يجرى ترشيحه رئيساً للحكومة الجديدة، صباح السبت، ثم أسأل الشابة الجامعية، بعدها بثلاثة أيام كاملة، عن رأيها فيه، فاكتشفت أنها لم تسمع باسمه أصلاً، فضلاً عن أن تُبدى رأياً فيه، وفى قرار اختياره، فهذا معناه أننا أمام مشكلة من الوزن الثقيل، وهى مشكلة أرجو صادقاً أن يكون أهل القرار يقدِّرون حجمها!
ربما تكون إجابتها الصادمة كاشفة لأهمية البرنامج الذى تتبناه رئاسة الجمهورية، حالياً، لتأهيل الشباب، غير أن ما يجب أن ننتبه إليه أن مثل هذا البرنامج سوف يؤهل ألفاً، أو ألفين، أو حتى خمسة آلاف من الشباب، ليبقى ملايين غيرهم منشغلين فى حياتهم اليومية، بما لا علاقة له من أى نوع بهموم وقضايا الوطن الحقيقية!
إننى لا ألوم البنت، ولا من حقى أن أتهمها بشىء، لأنها مثال حى على حصيلة التعليم عندنا، ولأننا لانزال نتصور، بكل أسف، أن حل معضلة تعليمنا إنما هى فى تغيير الوزير المسؤول عنه، دون أن ندرك أن ذلك إذا كان هو الحل، لكانت المعضلة قد اختفت من زمان!
وعندما تخرج الصحف كلها، صباح الأمس، لتقول إن 3 مرشحين لوزارة التعليم قد اعتذروا عن عدم قبول المنصب، فليس لهذا من معنى سوى أن رئيس حكومتنا الجديدة، ورئيس الجمهورية من قبل، لايزالان يتصوران أن أقصر طريق لمواجهة بلايا التعليم المتراكمة هو المجىء بوزير جديد يتولى أمره!
كان الأمل، ولايزال، أن يخرج علينا الرئيس، ومن ورائه رئيس حكومته الجديدة، ليقولا معاً، وبشجاعة سوف نحسبها لهما، إن حل أزمة تعليمنا ليس أبداً فى مجىء وزير وذهاب آخر، وإنما فى برنامج عمل واضح، وثابت، وطويل الأمد، يمشى على هداه الوزير، أياً كان اسمه، بحيث يتبدل الوزير، عدة مرات، ولا يتبدل شىء فى هذا البرنامج طويل المدى، وعندها سوف نضمن تماماً أن يكون حال تعليمنا بعده غيره كلياً قبل أن نضعه كبرنامج على أيدى خبراء وأساتذة تعليم كبار، وموثوق بهم، وأمناء مع هذا البلد!
صباح الخير سيادة الرئيس.. صباح الخير سيادة المهندس شريف إسماعيل!