سليمان جودة
زميلى الكاتب «نيوتن» أشار الخميس الماضى إلى الإجازات التى يحصل عليها الموظف فى مصر، وكيف أنها تستهلك 181 يوماً كاملة سنوياً، أى ما يقترب من نصف عدد أيام العام!!.. وإذا كان أحد بيننا سوف يجد مبالغة فيما أقوله، فليرجع إلى عمود زميلى المهم، وسوف يرى فيه تفصيلاً للموضوع يوماً بيوم!
وحين كنت أتأمل ما قاله الزميل، اكتشفت أن اليوم السابق مباشرة على يوم نشر عموده، قد جاء ليكشف، بأكثر مما نتخيل، مدى انحراف الطريقة التى نتعامل بها مع إجازاتنا بامتداد السنة، وكيف أنها فى حاجة إلى مراجعة سريعة، وشاملة، إذا كنا حقاً نريد أن نفضل العمل على الكلام!
فالأربعاء الماضى كان إجازة رسمية بمناسبة ذكرى مرور 62 عاماً على قيام ثورة يوليو 1952، وبما أن الذى منح موظفينا وعمالنا إجازة فى هذا اليوم، تحديداً، لم يأخذ باله حيث كان عليه أن ينتبه جيداً، فإنه أدى، من حيث لا يدرى، إلى أن تكون إجازة العيد 11 يوماً بالتمام والكمال، لا أربعة، ولا اثنين، كما قالت رئاسة مجلس الوزراء فى بيانها حول إجازة العيد!
ذلك أن اعتبار الأربعاء إجازة كان معناه أن موظفينا وعمالنا سوف يأخذون معه الخميس التالى له، إجازة أيضاً، شئنا أم أبينا، لأن يوم الخميس محصور بين إجازتين هما الأربعاء ثم الجمعة، فإذا جئنا إلى الأحد، الذى هو صباح اليوم، تبين لنا أنه محصور هو الآخر بين يومى إجازة يسبقانه هما الجمعة والسبت، وأربعة أيام إجازة من بعده للحكومة، وعندما تنتهى الأيام الأربعة، صباح الخميس المقبل، سوف نكون على موعد مع يومين آخرين إجازة أسبوعية بعدها هما الجمعة والسبت، ليبدأ العمل الأحد المقبل، بعد أن نكون قد أعطينا موظفى الدولة وعمالها 11 يوماً إجازة، من الأربعاء 23 يوليو إلى الأحد 3 أغسطس!
والغريب أن جميع مسؤولينا سافروا إلى الخارج، ويعرفون أن أى إجازة من هذا النوع، فى أى دولة تحرص على كل دقيقة من وقتها، لا كل يوم فقط، إنما تأتى إما فى آخر يوم من الأسبوع، أو فى أول يوم منه، حتى ولو كان موقعها الطبيعى فى منتصفه، بما يعنى أنهم يفعلون ذلك، عن قصد، ليضمنوا تماماً أن يوم الإجازة سوف يكون يوماً واحداً لا 11 يوماً!
ولو أن أحداً عندنا أعمل عقله قليلاً، لكان قد حرك إجازة الأربعاء الماضى، لتكون اليوم الأحد، وقد كنا سنضمن عندها ألا يضيع يوم الخميس مع الأربعاء فى السكة، ونحن لا ندرى!
القصة، إذن، فى حاجة فعلية لمراجعة جادة، لأنه ليس معقولاً أبداً أن يكون شعار الرئيس السيسى أيام الانتخابات هو: «العمل هو كل ما أملكه.. العمل هو كل ما أطلبه».. ثم يكون الواقع على الأرض على نقيض ما يرجوه الرجل على طول الخط!
وليس معقولاً أبداً أن يطفئ رئيس الوزراء غرف رئاسة المجلس التى لا عمل فيها، ترشيداً للطاقة، ثم نهدر نحن 11 يوماً دفعة واحدة، وكأن أيامناً جميعاً بلا ثمن!
أريد أن أهمس أخيراً فى أذن الرئيس، وفى أذن رئيس وزرائه المهندس محلب بشىء بالغ الدلالة فى موضوعنا.. هذا الشىء هو أن المدارس الأمريكية سوف تبدأ دراستها هذا العام يوم الأربعاء 13 أغسطس المقبل، وقد كان فى إمكان القائمين عليها أن يجعلوا البداية فى يوم الأحد التالى لهذا الأربعاء، أى فى أول الأسبوع، لا قبل نهايته بيومين، لولا أنهم بدأوها فى هذا اليوم تحديداً، عن عمد، لأن الطالب فى مثل هذه المدارس له حق التعليم فى عدد أيام محددة سلفاً من العام كله، دون تفريط فى ساعة واحدة منها.. فهل وصلت الرسالة؟!