توقيت القاهرة المحلي 08:37:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عبدالحليم.. إذا تكلم!

  مصر اليوم -

عبدالحليم إذا تكلم

سليمان جودة


في عام 1976 قدم عبدالحليم حافظ أغنية «قارئة الفن جان»، وكانت آخر أغنياته إلى الجمهور، لأنه رحل في آخر مارس من العام التالى.
وعندما وقف عبدالحليم يؤديها أمام جمهوره في المسرح، فوجئ بحوالى عشرين شخصاً يقومون من أماكنهم، من لحظة لأخرى، ويصفقون، ثم يطلقون الصفارات، وكان الواضح أمام عبدالحليم يومها أنهم لا يفعلون ذلك إعجاباً بأدائه أو بالأغنية الجديدة، كما جرت العادة في مثل هذه الأحوال، وإنما كانوا قد جاءوا عن قصد، وكانوا يفعلون ما يفعلونه عن عمد، لإفساد الأغنية وإفشال الحفل!

أمهلهم العندليب الأسمر مرة بعد مرة لعلهم يسكتون، فتمادوا في الشغب، فلما ضاق به الحال، خاطبهم من فوق المسرح بشىء من الغضب، وقال لهم ما معناه إنه هو الآخر يستطيع أن يطلق الصفارة إذا وضع أصبعيه في فمه، وإنه يستطيع أن يجاريهم فيما يفعلون، وأن يتفوق عليهم فيه، لولا أن ذلك سوف يكون على حساب حفل غنائى عام واجب الاحترام، وعلى حساب أغنية صعبة الكلمات تحتاج إلى هدوء شديد ليتذوقها سامعوها.

وقد قيل وقتها إن المطربة «وردة» كانت وراء العشرين شخصاً إياهم، وإن مناخ المنافسة بينها وبين عبدالحليم قد دفعها إلى التفكير بهذه الطريقة!

وقد قامت الصحافة أيامها على عبدالحليم، لمجرد أنه «شخط» في المشاغبين، ولمجرد أنه قال لهم ما معناه: كفاكم شغباً وتصفيقاً وتصفيرا!

وفى ليلة أول أيام رمضان، أذاعت قناة «صوت الشعب» حلقة من حلقات برنامج «أوتوجراف»، الذي كان الراحل طارق حبيب يقدمه في تلك الأيام.

ضيف الحلقة على مدى ساعة كان عبدالحليم حافظ، وقد راح يدافع فيها عن موقفه، ويبدى دهشته من أن تكون الصحافة في صف المشاغبين ضده، وأن تستكثر عليه أن يحاول وقفهم عند حدهم، وكيف أنه كان من الواجب عليها أن تكون ضد هؤلاء الذين اعتدوا على حق مئات آخرين جاءوا الحفل للاستمتاع بساعة من الطرب الجميل.

لك أن تتصور أن تكون أنت قد قطعت تذكرة، للاستماع إلى أغنية كتبها نزار قبانى، ووضع ألحانها محمد الموجى، ويغنيها عبدالحليم، ثم يأتى من يفسد عليك متعتك بأداء هؤلاء الثلاثة العظام معاً!

ما استوقفنى في حلقة «أوتوجراف» حقاً هو الصدق الذي كان يتكلم به عبدالحليم، فكأن هذه الصفة كانت جزءاً من طبيعته مغنياً ومتكلماً.. ثم استوقفنى الأهم حين راح يشرح لطارق حبيب، أنه كمطرب يظل يعمل على الأغنية الواحدة، من نوعية قارئة الفن جان، عاماً وعامين، وربما ثلاثة، وأن ذلك راجع إلى حرصه التام على ألا يغش الجمهور تحت أي ظرف، وأن الأغنية إذا كانت سلعة، فهو حريص تماماً على أن تصل لمستهلكها كاملة الأوصاف مائة بالمائة.. لا تسعة وتسعين!

أذاعت «صوت الشعب» الحلقة قبل لحظات من إطلاق طوفان من مسلسلات التسول والشحاتة على المشاهدين، وكأن القناة أرادت أن تنبه مشاهديها إلى أن مصر عرفت زمناً، كان المطرب فيه من وزن عبدالحليم، يفضل أن يموت على ألا يغش جمهوره، وكان من فرط ذوقه مع مشاهديه، يستأذن طارق حبيب في أدب بالغ، ليضع نظارته على عينيه، حتى يتمكن من قراءة كلمات أغنية جديدة، كان ينوى أن يغنيها!

غاية القول إن ما كان من صدق في الأداء، على كل مستوى، لا مستوى الغناء وحده، يمكن أن يعود، وبسهولة، إذا ما انطوت دخائل أهل الفن والإعلام على ضمائر حية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبدالحليم إذا تكلم عبدالحليم إذا تكلم



GMT 08:37 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميلات؟!

GMT 08:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان!

GMT 08:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تحالفان ومرحلة جديدة

GMT 08:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من أفسد العالم؟

GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon