توقيت القاهرة المحلي 16:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فعلها الرئيس

  مصر اليوم -

فعلها الرئيس

سليمان جودة

أمس الأول الخميس، طلب الرئيس من وزارة الكهرباء قطع التيار عن بيته، شأنه شأن أى بيت آخر فى البلد، ولم يملك وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر إلا أن ينفذ الأمر، وإلا أن يستجيب للطلب، وأصبح بيت الرئيس خاضعاً لقاعدة تخفيف الأحمال التى تتبعها الوزارة منذ بدء الأزمة مع جميع المواطنين.

وأتوقع أن يتذكر قارئ هذه السطور أنى كنت قد كتبت فى اليوم السابق مباشرة، أقصد يوم الأربعاء، أطالب رأس الدولة بأن يطلب إخضاع بيته، ومعه مكتبه الرئاسى، للقاعدة ذاتها التى يخضع لها الجميع، ولابد أن القارئ الكريم يذكر أنى قلت إن هذا لو حدث فسوف تكون تلك هى بداية حل الأزمة التى يعانى منها كل مصرى، والتى وصلت ذروتها الإثنين الماضى.

بالتالى، فإن ما طلبته لم يكن سببه أنى أريد قطع التيار عن بيت الرئيس، لمجرد القطع، وإنما كان الهدف أنه مهما قيل للرجل المسؤول عن الدولة إن الكهرباء تقطع، وإنها تأتى ساعة، وتذهب ساعة، وإن مواطنيه يعيشون حياة قاسية، فلن يتصور حجم المشكلة على حقيقتها، مهما قيل له من محيطيه، ومن تقارير مكتبه، إلا إذا واجه هو المشكلة حية كما هى بجميع أبعادها.. وعندها سوف يعانى كما أعانى أنا، وتعانى أنت، وسوف تكون هذه هى نقطة البدء نحو إيجاد حل سريع للمشكلة.

لماذا؟.. لأن هناك فارقاً كبيراً، بين أن تعانى أنت، كمواطن عادى، من مشكلة، ثم تتألم منها، ولا تملك لها حلاً، وبين أن يعانى منها الرئيس، فيتألم هو الآخر، غير أن ألمه هو سوف يختلف لأنه سيدفعه دفعاً إلى البحث عن حل، وسوف يجعله لا يغمض له جفن، حتى ينهيها كمشكلة، وهو قادر بحكم أنه رئيس مسؤول، وهنا بالضبط يكمن الفارق بين أن يواجه المصريون فى عمومهم إشكالاً من هذا النوع، وبهذا الحجم، فيظل كل واحد منهم يصرخ من المعاناة، وبين أن يواجه رئيسنا الإشكال نفسه، فلا يدع المسؤولين المختصين ينامون حتى يأتوا له بالحل بأى طريقة.

ثم إن هناك فارقاً آخر مهماً، وهو أن بيت أكبر مسؤول فى الدولة عندما يكون خاضعاً لما يخضع له بيت كل واحد منا، فى موضوع الكهرباء خصوصاً، فإن انتظام التيار فى بيته سوف يكون معناه أنه انتظم فى سائر البيوت، مادام مصدر الطاقة واحداً فى بيته، وفى بيتك، وفى بيتى، ومادام هو راغباً فى ألا يكون استثناءً، وأن يشعر بالمأساة كما يشعر ويحس بها غيره، سواء بسواء، وبالطبع، فإن غرورى قد يصور لى أن يكون الرئيس قد طالع ما كتبته، وما وجهته إليه شخصياً، أو أن يكون رجل أمين فى مكتبه قد نقل إليه ما كتبت، فاستجاب هو من ناحيته، غير أن هذا ليس الأهم فى القصة، لأن الأهم أنه فعل ما فعله، سواء استجاب لكلماتى فى هذا المكان، صباح الأربعاء، أو استجاب لهاتف من نفسه ومن داخله، أو.. أو.. إذ ما يهمنا فى الحقيقة، أنه فعل، وليس مهماً لماذا فعل، ولا ما هى الدوافع وراء الفعل ذاته.

الدرس، إذن، أن تصل القضية، أى قضية، وليست الكهرباء وحدها، إلى الرئيس ثم إلى كل مسؤول من بعده، كما هى، وبحجمها الطبيعى، والحقيقى، لا أن يقال له، ولا أن يسمع عنها من أطراف قد لا تكون أمينة معه، وعندما يحدث أن تصل إليه، كما نريدها، فسوف نكون قد حققنا هدفين، أولهما أن الحل لها سوف يأتى سريعاً، ولن يتأخر، وثانيهما أننا سنكون أمام تفاعل مختلف بين رأس السلطة والناس، بما يضمن ألا يكون بينهما حاجز قام ودام على مدى عقود من الزمان مضت، وأدى إلى ما نحن فيه الآن، ولا يجب أبداً أن نسمح له بأن يقوم مرة أخرى، فضلاً عن أن يدوم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فعلها الرئيس فعلها الرئيس



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon