سليمان جودة
إذا ما تكلمنا عن صندوق «تحيا مصر» بأمانة مطلوبة، فالفكرة فيه يجب ألا تكون أبداً مجرد جمع مائة مليار نقداً يريدها الرئيس، ويطمح فيها، كسقف أعلى، ونطمح فيها معه، وإنما المفترض أن يكون مثل هذا الصندوق باباً إلى مصر مختلفة عما كانت عليه من قبل، وعما هي عليه الآن!
وإلا.. فتعالوا نتصور أن الصندوق جمع مائة مليار من الجنيهات صباح غد، فأخذها الرئيس وأنفقها على مشروع ما.. أي مشروع.. عندئذ سوف يبقى السؤال كالتالى: وماذا بعد؟!
إننا في شهر هو بطبيعته موسم إجازات لكثيرين، وفى موسم كهذا يهرب الناس إلى الشواطئ، التي نملك منها ألف كيلو تطل على البحر الأحمر في الشرق، ومثلها تطل على البحر المتوسط في الشمال، وقد فكرت فيما بينى وبين نفسى عما فعلناه نحن لنجعل شواطئ بهذا الطول تدر علينا دخلاً يجب أن تدره وبمليارات الجنيهات، في كل عام، وليس في عام واحد، أو عامين، أو حتى عشرة!
فكرت في شاطئ ما بعد الإسكندرية، وصولاً إلى مرسى مطروح- مثلاً- وهو يمتد لما يقرب من 500 كيلومتر، وعما إذا كانت عدة فنادق قد تناثرت عليه، لتكون مقصداً للسائح العربى ومعه الأجنبى، في شهر الإجازات، وفى غير شهر الإجازات، ولتكن، وهذا ربما يكون الأهم، مدخلاً إلى عشرات بل مئات الآلاف من فرص العمل لعاطلينا الباحثين عن فرصة من هذا النوع، في أي مكان!
فكرت، فلم أجد سوى فندق «غزالة» الذي هو الأشهر هناك، ومن حوله عدة فنادق متناثرة، يمكن حصرها على أصابع اليد الواحدة، أو اليدين، في أقصى تقدير!
فهل هذا، بالله عليكم، استغلال سياحى يليق بنا، لشاطئ هذا هو طوله، وهذا هو سحره لمن رآه وذهب إليه؟!
عيب كبير في حقنا، أن يكون هذا هو كل عائدنا، من السياحة، من وراء شاطئ كانت ليلى مراد قد تغنت بجماله أيام زمان، ولانزال نسمع غناءها فيه إلى اليوم، ثم لا نسأل أنفسنا عما فعلناه، ليكون لجمال بهذه الطبيعة عائد يومى في حياتنا.. عيب كبير جداً في حقنا!
ولذلك، أتصور الرئيس السيسى وهو يجتمع صباح غد، الثالث من أغسطس.. نعم صباح غد، لا بعد غد.. مع عشرة من كبار مستثمرينا في السياحة، ليقول لهم إنه لا يريد منهم تبرعاً في صندوق «تحيا مصر» كما قد يتوقعون، وإنما يريد شيئاً مختلفاً تماماً، وهذا الشىء هو أن يقوم كل واحد منهم ببناء فندق كبير من 500 غرفة- مثلاً- على شاطئ مطروح، بحيث تحدد الدولة مكان كل فندق، وبحيث يجرى افتتاح الفنادق العشرة الكبرى في مثل هذا اليوم تحديداً، من العام المقبل، ثم بحيث يكون الرئيس على موعد في 3 أغسطس 2015، لافتتاحها معاً، في وقت واحد، ودون تأخير.
ما أقوله ممكن، ولا أريد أن أبالغ وأقول إنه سهل، وليس فقط ممكناً، ثم إنه لك أن تتصور شكل شاطئ مطروح في 3 أغسطس 2015، لو أن الرئيس نقل فكرة كهذه إلى أرض الواقع، خصوصاً أنها لا تحتاج منه سوى اجتماع مع الرجال العشرة، وسوى إعطائهم الضوء الأخضر، وسوى توجيه أجهزة الحكومة بتيسير كل شىء لهم، وسوى قيام الدولة خلال العام نفسه بإنشاء الخدمات العامة التي يتعين أن تكون مصاحبة لمثل هذه الفنادق بطول الشاطئ وعرضه!
سيادة الرئيس.. لو فعلتها.. فسوف تكون قد ضربت «تحيا مصر» في اثنين، وفى لحظة، وسوف تكون قد ضمنت أن يكون عندك وعندنا معك بالضرورة صندوق آخر، في صورة عشرة فنادق كبرى على الشاطئ، تعطينا مائة مليار سنوياً، لا مرة واحدة في العمر.
"المصري اليوم"