سليمان جودة
تمتلئ الصحف الأوروبية والأمريكية، هذه الأيام، بصور فى صفحاتها الأولى، لطوابير تمتد طويلاً أمام الجمعيات الاستهلاكية ومحال البيع فى فنزويلا.
إحدى هذه الصور، وكانت فى نيويورك تايمز، يوم السبت الماضى، قالت إن هذه الطوابير هى ثمن انخفاض أسعار البترول، التى كانت عند حدود 96 دولاراً للبرميل فى سبتمبر الماضى، ووصلت الآن إلى حدود 38 دولاراً، وربما تنزل أكثر!
ولأن فنزويلا من دول منظمة الـ«أوبك» المصدرة للبترول، ولأنها تعتمد فى حياتها على دخل البترول، بشكل أساسى، فإنها قد تضررت كثيراً من تراجع الأسعار، إلى الحد الذى دفع رئيسها إلى زيارة السعودية، خلال الأيام الأخيرة للملك الراحل عبدالله، طلباً لخفض إنتاج المملكة، من خلال اجتماع طارئ للأوبك، لولا أن الرياض رفضت الطلب!
ولاتزال الدول المصدرة للبترول تشكو، بل وتعانى، ومنها إيران التى قال رئيسها حسن روحانى فى خطاب مذاع قبل أسابيع، إن الدول التى تستطيع خفض الإنتاج، ولا تفعل، سوف تندم، وعلى رأسها السعودية والكويت!
ومن الواضح أن فنزويلا، دون جميع الدول المصدرة، ودون جميع دول الأوبك، هى التى تعانى أكثر، بدليل أن طوابير الزيت والسكر وأنواع الطعام المختلفة تظهر فى شوارعها، وتنشرها الصحف بكثرة كل يوم!
وما يخصنا نحن، أننا نقف على العكس مما يحدث فى هذا الاتجاه، بمعنى أننا دولة مستوردة للبترول، أكثر مما هى مصدرة له بكثير، وبالتالى، فالمتوقع أن نستفيد اقتصادياً من أزمة دولية كهذه، وأن يحقق مثل هذا التراجع فى أسعاره، فائدة لنا، وأن يؤدى إلى وفر فى الميزانية.
فالمؤكد أن ميزانية 2014-2015، التى تم إقرارها فى آخر يونيو الماضى، قد وضعت على أساس سعر البترول وقتها، وهو وقتها لم يكن 96 دولاراً وفقط، وإنما كان مرتفعاً عند مستوى 130 دولاراً للبرميل الواحد!
الآن.. انخفض كما نرى إلى ما دون النصف، ولابد أن لذلك تأثيره الإيجابى الكبير على الميزانية، وهو ما يجعلنا نطلب من المسؤول الذى يعنيه الأمر فى حكومتنا، وأقصد الوزير هانى قدرى، أن يخرج على الناس ويشرح لهم، بوضوح، حجم ما سوف يوفره انخفاض الأسعار، فى ميزانيته كوزير مالية مسؤول، وإلى أين سوف تتوجه الحكومة بمثل هذا الوفر فى ميزانيتها.
إن صحف العالم تقول إن أسعار البنزين بلغت حالياً حداً هو الأقل منذ خمس سنوات، وإن مواطنين أوروبيين وأمريكيين كثيرين، قد اندفعوا لهذا السبب، إلى اقتناء سيارة جديدة، وسيارتين، وثلاث!
وقد كانت شكوى حكومتنا، طول الوقت، وعلى مدى سنوات مضت، من ارتفاع فاتورة دعم البنزين، وغير البنزين، بين أشكال الطاقة المختلفة التى يستهلكها المواطن مدعومة، وكانت طوال تلك السنوات، التى استقر سعر البترول فيها عند 130 دولاراً، تبحث عن وسيلة تتخفف بها من فاتورة الدعم.
والسؤال الآن هو: هل وجدت الحكومة وسيلتها فى انخفاض الأسعار إلى ما وصلت إليه فى أيامنا هذه؟ وإذا لم تكن قد وجدت، فأين نحن من الموضوع على بعضه، وما حجم عوائدنا من ورائه؟.. دبرنا يا وزير المالية!