توقيت القاهرة المحلي 08:15:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف تلتزم الدولة الصمت؟!

  مصر اليوم -

كيف تلتزم الدولة الصمت

سليمان جودة

أحكام القضاء، فى درجاتها الأولى، ليست قرآناً، وما أقصده أن القانون نفسه قد نظم طريق الطعن على أى حكم، وقال إن أمام المتضرر من أى حكم قضائى عادى أن يطلب معارضته، أو الاستئناف عليه، وإن أمام المتضرر من الحكم القضائى غير العادى أن يطعن بالنقض عليه، أو يتقدم إزاءه بطلب إعادة نظر.. هكذا نظم القانون أمورنا، ووضع نقاطها فوق حروفها تماماً.

أقول هذا، وأعود لأؤكد عليه، بعد حكم القضاء الإدارى، أمس الأول، بإلغاء مولد أبوحصيرة، الذى يُقام فى البحيرة فى كل عام، بل إنه قضى بشطب ضريح أبوحصيرة نفسه من قائمة الآثار المصرية، بعد أن كان قد صدر قرار بضمه إلى هذه القائمة، على يد الفنان فاروق حسنى، فى زمن مضى.

ذلك أنه من حق القضاء، سواء كان إدارياً أو غير إدارى، أن يُصدر أحكامه وفق ما يرى.. فهذا شأنه الذى ليس من حق أحد أن ينازعه فيه.. غير أن هناك دولة فى المقابل، ولابد أن على هذه الدولة أن تتحرك بسرعة، حين ترى أن حكماً من الأحكام سوف يلحق الضرر بصورتها، كدولة، أمام العالم.. لابد.. وإلا انتفت عنها صفة الدولة أصلاً!

وعندما طالعت صحف أمس، أى بعد صدور الحكم بـ24 ساعة، لم أقرأ شيئاً لمسؤول مختص فى الدولة، فى هذا الاتجاه، وكأن الموضوع لا يعنيها، مع أنه يعنيها بالثلاثة، ومع أننا كنا نتصور أنها سوف تتحرك بعد الحكم، وتقول، ما معناه، إن هناك ألف طريقة للاعتراض على الطريقة التى يتم بها تنظيم المولد فى البحيرة سنوياً، وإن إلغاء الاحتفال من أساسه ليس من بين هذه الطرق الألف.. وكنا نتخيل، ولانزال نتخيل، ثم نتوقع، أن تتحرك الدولة وتقول إن هناك أيضاً ألف طريقة للاعتراض على طقوس المولد السنوى، وإن شطب الضريح اليهودى، من بين قائمة آثارنا ليس أبداً من بين هذه الطرق الألف.

إننى أخشى إذا التزمت الدولة الصمت، أمام حكم كهذا، أن يخرج من بيننا واحد، بعد فترة، ويطلب شطب المعابد اليهودية الموجودة على أرض مصر من بين قوائم آثارنا، ثم يخرج واحد آخر من بعده، ويطلب شطب المعابد الفرعونية، وهكذا.. وهكذا.. إلى أن نصبح دولة بلا آثار، وبالتالى بلا تاريخ، ولا حتى ذاكرة!

لقد قلت، وأقول من جديد، إنه إذا كان صحيحاً أن يعقوب أبوحصيرة، صاحب الضريح، يهودى، فالأصح من هذا أنه عاش ومات قبل عام 1948، أى قبل أن يكون لإسرائيل وجود أصلاً، وبالتالى، فلا علاقة له بها، ولا علاقة لها به، وإذا كان اليهود الذين يحضرون الاحتفال بمولده فى كل عام، حول ضريحه، يأتون أفعالاً أو سلوكيات لا نرضاها، فيمكن جداً إلزامهم بالأصول والتقاليد، دون أن يكون البديل هو إلغاء الاحتفال، وشطب الضريح من الوجود!

والحقيقة أن الدولة إذا التزمت الصمت فسوف لا يكون هناك فارق بينها وبين السلفيين الذين كانوا قد انطلقوا، فيما بعد 25 يناير 2011، يدمرون أضرحة أولياء الله فى القرى والأقاليم، ويحطمونها فوق رفات أصحابها، فى حركة همجية، لم يكن لها معنى إلا أنهم لم يكونوا يعيشون بيننا بالمرة، وكانوا يصممون على العيش فى قرون مضت، ولن تعود!

هل هناك فرق إذا التزمت الأجهزة المعنية الصمت؟!.. أرجو أن تنتبه الدولة إلى أن تراث المصريين، سواء كان إسلامياً، أو مسيحياً، أو يهودياً، لا يجوز العبث به على أى نحو.. لا يجوز أبداً ولا يليق!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تلتزم الدولة الصمت كيف تلتزم الدولة الصمت



GMT 03:52 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 03:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 03:31 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 03:27 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 03:24 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 03:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

GMT 03:07 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاري الشاعر

GMT 02:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا وسيناريو التقسيم

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:46 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما
  مصر اليوم - منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon