سليمان جودة
إذا أنت قرأت إدانة من الولايات المتحدة، أو الاتحاد الأوروبى، أو بريطانيا، لمجزرة سيناء التى أسقطت 50 ضحية بين شهيد وجريح، فلا تصدق هؤلاء الذين يدينون!
لا تصدقهم.. ليس لأننا لا نريد أن نصدقهم، وإنما لأنهم هم لا يريدون ابتداء، أن يكونوا صادقين مع أنفسهم ليصدقهم الآخرون، ولا يريدون أن تتسق أقوالهم مع أفعالهم، ثم لا يلتفتون، ولا ينتبهون، إلى أن الفجوة العميقة بين إدانة كلامية كهذه، منهم، للمجزرة وبين ممارسات لهم مع الجماعة الأم، تنطق بأنهم يسكتون عن قصد، عن الأم، التى هى الأصل، بل يتعاطفون معها تارة ويميلون إليها تارة أخرى، ثم يتصورون ببلاهة، بعد هذا كله ــ أن أحداً يمكن أن يصدقهم، إذا أدانوا فعل الفرع، فى سيناء مثلاً، ثم أغمضوا العين عن فكر، وسلوك، وعنف، وإرهاب الأصل الذى هو «الإخوان»!
لا تصدقوهم.. وإذا جاء أحد ليجادلكم فى أنه لا علاقة مباشرة، حتى الآن، بين المجزرة الأخيرة، وبين فكر، وسلوك، وعنف، وإرهاب الجماعة الأم، فاطلبوا ممن يجادلكم فى هذه المسألة، أن يعود إلى تصريح صريح صدر مؤخراً، عن رجل مخرف اسمه القرضاوى، يقول فيه علناً، إن البغدادى الذى يقال عنه إنه زعيم ما يسمى «تنظيم داعش»، إنما هو إخوانى صميم فى أصل نشأته!
قالها المخرف الأكبر، دون أن يقصد ربما، ودون أن يدرى أن الله تعالى، وكأنه أراد أن يدينه، ويدين جماعته، بلسانه، من خلال تصريح من هذا النوع!
لا تصدقوهم.. لأن هؤلاء الذين انطلقوا يدينون المجزرة، فور وقوعها، لو كانوا صادقين حقاً، فى إدانتهم، لكانوا يوم صدر هذا التصريح عن المخرف الأكبر، قد أمسكوا به، ولم يتركوه يمر، ولكانوا قد قالوا للعالم كله، إن الذبح الذى يمارسه أعضاء هذا التنظيم مع خلق الله، إنما تعلموه عن زعيمهم البغدادى، الذى كان قد تعلّمه بدوره من الجماعة الأم التى نشأ فيها.. إنها جماعة الإخوان باعتراف مخرفهم الأكبر ذاته، وبلسانه!
لا تصدقوهم.. لأن الإنجليز لو كانوا صادقين حقاً، فى إدانتهم، لكانوا قد أخذوا تصريح مخرف إخوانى آخر، اسمه إبراهيم منير، على ما يجب أن يؤخذ به، يوم أن صدر عنه فى لندن!
إذ ما كادت السلطات الإنجليزية تقول، فى أول هذا العام، إنها سوف تراجع نشاط الجماعة الأم على أرضها، حتى أطلق هذا المخرف الإخوانى الأصغر تصريحا، قال فيه ما معناه: إن حظر نشاط الجماعة الأم على أرض بريطانيا، يمكن أن يُلحق ضرراً بالمصالح البريطانية فى أكثر من مكان!
قالها يومها، وكأنه يبتز حكومة ديفيد كاميرون علانية، ولو كان الإنجليز صادقين فى إدانة مجزرة سيناء مؤخراً، لكانوا منذ وقت مبكر، قد أيقنوا بأن تصريحاً كهذا، من المخرف الأصغر منير، إنما يشير بوضوح لا يحتمل أى لبس إلى موقع «الأم» من العنف، ومن الإرهاب، ولكانوا قد تصرفوا على هذا الأساس، منذ ذلك اليوم!
لا تصدقوهم، لأن أفعالهم تكشف أقوالهم، وأولاً بأول!