سليمان جودة
لا جديد فى هذا الكلام الفارغ، الذى يردده شيوخ فى التيار السلفى، هذه الأيام، عن عيد شم النسيم، وعن احتفالات المصريين فيه، بمَنْ فيهم، بل فى القلب منهم، الإخوة الأقباط!
لا جديد فيه، لأنه قيل من قبل، والغالب أنه سوف يظل يقال، لسنوات مقبلة، إلى أن يكون عندنا قدر من التعليم الجيد بما يتيح للمواطنين جميعاً أن يدركوا تلقائياً أنه كلام ساقط، وأنه لا يستحق التوقف أمامه، ولا الالتفات إليه، ولو للحظة، ولا تكون له بالتالى، ولا لقائليه، أى قيمة!
لا جديد فيه، لأنه كلما قيل على لسان شيوخ، المفروض أنهم يدعون بيننا إلى ما قاله الله تعالى، وما قاله رسوله الكريم، كلما جعلك أكثر تمسكاً بأن تهنئ كل قبطى بالعيد، وأن تشد على يديه، وأن تطلب منه صادقاً أن يضع مثل هذا الكلام الهابط تحت قدميه!
لا جديد فعلاً.. إنما الجديد حقاً أن يكون التيار الذى ينتمى إليه أمثال هؤلاء الشيوخ صاحب حزب فى حياتنا السياسية، وأن يكون الحزب من بين الأحزاب المعترف بها، وأن يكون أيضاً من بين الأحزاب المدعوة على مائدة رئيس الحكومة، للكلام فى الشأن السياسى!
وللأمانة، فإن المسؤولية هنا ليست على رئيس الحكومة، لأن المهندس محلب جاء إلى رئاسة الوزارة بينما الحزب موجود أصلاً فى الحياة العامة، ولذلك فإن حكاية هذا الحزب تعلو، من حيث المسؤولية عنها، رئاسة الوزارة كلها!
وكنت أتمنى لو أن الذين لاموا رئيس الحكومة على توجيه الدعوة إلى الحزب الذى يدعو لأفكار السلفية الممقوتة بيننا، ليكون موجوداً فى حواره مع الأحزاب، قبل أيام، قد وجهوا اللوم لمن هو أعلى من رئيس الوزارة حتى توضع الأمور، عندئذ، فى نصابها الصحيح.
ولابد أننا مضطرون، فى كل مرة نفتح فيها ملف حزب «النور» السلفى، إلى القول بأنه لا أحد أبداً ضد أن يمارس المواطن السلفى العمل السياسى، ولا أحد أبداً ضد أن يكون المواطن السلفى منخرطاً فى حزب، ولا أحد أبداً ضد أن يكون المواطن السلفى موجوداً فى حياتنا السياسية العامة.. فما نحن ضده، بكل قوة، هو أن يكون مثل هذا الوجود متصادماً مع مادة صريحة فى الدستور، تؤدى حين تطبيقها إلى حل فورى لحزب هذه هى طبيعته، ليتشكل من جديد بعدها، بما يتفق مع نصوص الدستور، ومع صحيح القانون، هذا هو كل ما فى الأمر!
وعندما أعلن الرئيس، قبل أسبوع، أن «المواءمات» التى كانت الدولة تمارسها مع التيار الدينى المتأسلم، زمان، لن يكون لها مكان بيننا، الآن، ولا فى المستقبل، قلت له فى هذا المكان، وقتها، إنه مما يؤسف له أن «المواءمات» إياها، رغم أنها أدت إلى كوارث نعيشها ونعانى منها بامتداد أربع سنوات، وأكثر، إلا أنها لا تزال قائمة، ولكنها بدلاً من أن تكون «مواءمات» مع الجماعة الإخوانية، فيما قبل 25 يناير، صارت «مواءمات» مع الجماعة السلفية فى أيامنا!
إن أقل ما يمكن أن يوصف به هؤلاء الشيوخ السلفيون الذين يقذفون بكلامهم المقرف، عن عيد شم النسيم، وعن غير عيد شم النسيم، فى وجوهنا، أنهم مخرِّبون بامتياز، وحين يكون للمخرِّبين حزب يمارسون من خلاله نشر أفكارهم التخريبية، فى كل مكان، وبتصريح من الدولة هكذا، فإن لله الأمر من قبل ومن بعد!