توقيت القاهرة المحلي 16:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لو قرأ الرئيس هذين الخطابين

  مصر اليوم -

لو قرأ الرئيس هذين الخطابين

سليمان جودة

لا يمكن أن أكون فى المغرب، ثم لا أضع قارئ هذا العمود فى الصورة كاملة هناك، بحيث يكون على دراية كافية بما يجرى فى الدنيا حوله، وبحيث يقارن أحواله بأحوال غيره، ليرى أين هو بالضبط مما يدور فى بلاد العالم.

والقصة أن الحياة العامة فى الدولة المغربية منشغلة عن آخرها، على مدى أسابيع مضت، بما أراد محمد السادس، ملك المغرب، أن يفجره فى خطابين أخيرين.. لقد خطب الملك الشاب مرتين فى الفترة الأخيرة، مرة فى ذكرى مرور 15 عاماً على توليه السلطة، بعد أبيه الملك الحسن الثانى، ومرة فى يوم 20 أغسطس، ذكرى مرور 61 عاماً على ما يطلق عليه المغاربة «ثورة الملك والشعب»، ويقصدون بها وقوف المغربيين جميعاً مع محمد الخامس، جد محمد السادس، أيام الاستقلال، فى عام 1953.

ولم تكن العبرة فى المرتين أن الملك قد خطب فى مواطنيه، فقد خطب من قبل كثيراً، ولكن العبرة كانت بما قاله، وقد جاء ما قاله وكأنه قنبلة فجرها هو على مرأى من كل مواطن مغربى، وقد تتالت أصداؤها كأمواج البحر!

فى الخطاب الأول، وكان فى أوائل أغسطس، تساءل الملك: أين ثروة البلد؟!.. ثم زاد ما يريد أن يقوله توضيحاً، عندما قال إن ما يعرفه أن بلاده فيها ثروة، بل ثروات ضخمة، ولكن ما يراه، فى جولاته فى أنحاء الوطن، يؤكد له أن الثروة ليست موزعة بما يكفى على المواطنين، وأنه إذا كان صحيحاً أن المغرب ملىء بالثروات، فالأصح من ذلك أن الثروات، فى أغلبها، موجودة لدى قلة من الناس، وأن الغالبية بعد ذلك يسمعون عن مثل هذه الثروات، ولا يرونها!.. وأنه، كملك للبلاد، عليه أن يعمل فى كل لحظة، على أن تكون الثروات موزعة بالعدل بين المواطنين، دون مصادرة بالطبع لحق الملكية الخاصة، ودون اعتداء عليها، ودون مصادرة على حق كل مواطن فى أن يعمل، وأن يكسب، وأن يحقق ثروة مشروعة.

ولا أحد يعرف ما الذى سوف يفعله الملك، ليعيد توزيع ثروات بلده، بحيث يرى أثرها فى كل مكان يذهب إليه، لا أن تكون متراكمة فى جانب، بينما جانب آخر، بل جوانب، تعانى، وتتطلع، وتعيش على الأمل وحده.. لا أحد يعرف.

وفى خطابه الثانى - خطاب ذكرى الملك والثورة - عاد إلى الموضوع، ولكن بشكل آخر، فقال، ما معناه، إن المغرب، كبلد، لا يمكن أن يمشى بسرعتين: سرعة تزيد ثراء الأغنياء، وأخرى تضاعف حاجة الفقراء.. لا يمكن!

وكما ترى، فالموضوعان موضوع واحد، وكما ترى أيضاً، فإن ملك المغرب، وهو يقول هذا الكلام، فى الحالتين، كان وكأنه يتكلم عنا نحن هنا فى مصر، ولو أنك رفعت اسم الملك، ثم وضعت فى مكانه اسم الرئيس السيسى، لما تغير الحال، ولا أحسست بأى اختلاف!

كلام الملك أثار، ولايزال يثير، موجة، بل موجات من الجدل الصاخب، غير أن الأهم هو ما سوف يتبقى للناس، بعد الجدل، وبعد الصخب!

وقد تمنيت من قلبى لو أن الرئيس السيسى قد طلب نص الخطابين، ثم قرأهما جيداً، لأن السؤال الذى طرحه ملك المغرب، فى خطابيه، إذا كان ضاغطاً على مواطنيه مرة، فى بلادهم، فهو، أى السؤال نفسه، يظل ضاغطاً على الملايين عندنا عشرات المرات، لا مرة واحدة، وبعنف وقسوة!

فكثيرون بيننا يسمعون، ثم يرون ثروات هائلة فى أكثر من اتجاه، غير أن الرئيس لو تجول خارج القاهرة، فى الدلتا، أو فى الصعيد، فسوف لا يجد أثراً لمثل هذه الثروات فى 90٪ من أنحاء البلد، وسوف يجد المعدمين بالملايين، وسوف يكتشف أن الفارق إذا كان متراً بين السرعتين، فى المغرب، فهو عندنا كيلو متر، وأكثر!

كان برنارد شو، كاتب الإنجليز الأشهر، صاحب صلعة كبيرة، ولحية كثيفة، وقد تأمل يوماً أحوال العالم المختلفة، ثم تحسس صلعته ولحيته فى حزن، وقال: ما بين أغنياء العالم، وفقرائه، كما بين صلعتى ولحيتى.. غزارة فى الإنتاج، وسوء فى التوزيع!

وقد بلغت غزارة الإنتاج وسوء التوزيع حداً أزعج الملك للغاية، وأظن أن لدينا ما يزعج عشرة ملوك!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو قرأ الرئيس هذين الخطابين لو قرأ الرئيس هذين الخطابين



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon