سليمان جودة
الدرس الأهم فى مأساة الشاب المصرى الذى لقى مصرعه فى الكويت ، أن رئيس الدولة يأتى بوزراء ليكونوا عوناً إلى جواره، فيكتشف ونكتشف معه، أنهم عبء عليه وعلينا!
إن والدة الشاب تقول فى «المصرى اليوم»، صباح أمس، كلاماً يدين كل مسؤول عن ملف ابنها فى الدولة، وكيف أنها حاولت الاتصال برئاسة الحكومة، أو بالخارجية، فلم يرد عليها أحد بكلمة واحدة!
ولا تعرف الأم الحزينة أنه لا مجلس الوزراء هو الجهة التى عليها أن تخاطبها، ولا حتى الخارجية، لأن هناك وزيرة للهجرة والمصريين فى الخارج اسمها نبيلة مكرم، ولأن هناك وزيراً للقوى العاملة اسمه جمال سرور، وكلاهما كان لابد أن يكون فى عمق الأزمة، منذ بدايتها، لاحتوائها سريعاً، وكان لابد أن يكون كلاهما أيضاً إلى جوار السيدة المكلومة، التى تبحث عمن تشكو إليه وجيعتها فى ابنها، فلا يسأل فيها أحد، وكأنها ليست مواطنة، ولا ابنها!
الحادث المؤسف وقع الأحد الماضى، أى أن أسبوعاً كاملاً قد مر عليه دون أن يتحرك الوزيران المختصان، وبسرعة منذ لحظته الأولى، لقطع الطريق على كل الذين وظفوه بسوء نية، للإساءة إلى علاقة راسخة بين البلدين.
فالحادث رغم بشاعته يظل كما وصفه سالم الزمانان، سفير الكويت فى القاهرة، حادثاً عابراً، ثم إنه فى يد النيابة، وفى يد جهات التحقيق التى وجهت تهمة القتل العمد للشخص الذى ارتكبه، بعد أن ألقت القبض عليه.
ورغم أنه حادث عابر، وفردى، كما قال عنه السفير الزمانان بحق، إلا أن أعداء البلدين راحوا يضخمون فيه، ويحولونه، فى غياب وزيرينا، إلى معركة بين شعب وشعب.. وهو لم يكن كذلك أبداً، ولن يكون.
راح أعداء البلدين ينفخون فيه، بينما الوزيران يتفرجان، وقد كان فى إمكانهما أن يحاصراه، منذ أول وهلة، فلا يخرج عن حدوده أبداً، وكان فى إمكانهما ألا يسمحا لأحد بأن يتاجر به أو يستغله، أو يوظفه فيما لا يجوز بأى حال!
كان فى مقدور الوزير سرور أن يكون فى بيت أم الشاب، منذ لحظة وصول جثمانه، لتشعر تلك السيدة المسكينة بأن وراءها دولة، وبأن فى الدولة وزراء مسؤولين، وكان فى مقدور الوزيرة مكرم أن تكون فى الكويت بعد الحادث بساعة، لتقول بأوضح لغة ممكنة إن ما بين مصر والكويت لا ينال منه شىء، وإنها واثقة فى أن الأجهزة الكويتية المختصة سوف تعيد الحق العادل للشاب، وإنها سوف تتابع ذلك بنفسها، وإن الكويت كانت، ولاتزال، أكثر الدول التى وقفت وتقف إلى جوار القاهرة، خصوصاً بعد ثورة 30 يونيو 2013، دون أن تقرن موقفها الرجولى بأى ضجيج إعلامى أو غير إعلامى!
لقد أشرت فى هذا المكان، ذات يوم، إلى أن «تاتشر» قد أفرجت يوماً عن قاتل ليبى، وأخرجته محمياً من بلادها إلى بلده، لأن عينيها كرئيسة وزراء كانتا على مصالح عليا لحكومتها مع القذافى.. فهكذا يتصرف الساسة الكبار، لا المسؤولون ولا الوزراء الموظفون!