توقيت القاهرة المحلي 16:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متى نقدم البشر على الحجر؟!

  مصر اليوم -

متى نقدم البشر على الحجر

سليمان جودة

هل كتب الله على المصرى أن يظل يقارن بين كل عاصمة يذهب إليها وبين القاهرة، وأن تأتى المقارنة، فى أغلب المرات، إن لم تكن فى كلها، لغير صالحنا؟!.. نريد، ولو مرة لوجه الله، أن نذهب إلى هذه العاصمة العربية، أو تلك، فنكتشف أن حال قاهرتنا صار أفضل، وأنها أجمل، وأهدأ!

وربما لاحظت أنت أن سقف طموحنا فى المقارنة قد تراجع، وأننا لم نعد نريد أن نقارن بين القاهرة وبين باريس مثلاً... لا... إننا نتكلم عن عواصم عربية مجاورة لنا، أو قريبة منا، رغم أن الذين ذهبوا إلى العاصمة الفرنسية، على سبيل المثال، يعرفون أن الذين صمموا منطقة وسط البلد بكاملها فى عاصمتنا زمان كانوا متأثرين جداً بباريس، وأن قليلا من الاهتمام بهذه المنطقة، وقليلا من الرغبة فى إزالة تراب الإهمال عنها، يجعلها هى ومناطق بديعة فى باريس سواء.. طاف هذا كله فى ذهنى حين كنت فى الرباط هذا الأسبوع.. فالأشقاء فى المغرب أدركوا، مبكراً، ما تدركه أى حكومات عاقلة، وهو أن العواصم تنشأ لا ليتكدس فيها البشر.. بعضهم فوق بعض، كما هو الحال عندنا، وإنما لتكون مرآة للبلد، يدخلها الأجنبى، فيشعر على الفور بأنه فى مدينة تجذبه، ولا تطرده!

تسأل عن سر لهذا الهدوء فى العاصمة المغربية، وعما وراء هذا الجمال الذى يميز غالبية أحيائها، فتعرف أن المرافق الكبيرة موزعة بينها وبين سائر مدن الدولة المغربية، وأن المطار الأهم، مثلاً، موجود فى الدار البيضاء، وليس فى الرباط.. صحيح أن هذه الأخيرة تضم مطاراً، ولكن غالبية المسافرين إلى المغرب، يدخلونها من بوابة مطار الدار البيضاء، وليس من بوابة العاصمة، وهو الأمر الذى رفع أعباء كبيرة عن عاصمتهم، وجعلها فى صورتها العامة تليق بعاصمة فعلاً، ولم يجعل المواطنين يتكالبون على الإقامة فيها، لأنهم يكتشفون، وهذا سبب آخر مهم، أن المرافق العامة الموجودة فى أى مدينة بخلاف الرباط، متاحة عندهم بالجودة نفسها المتاحة بها فى العاصمة.. فلماذا يذهبون إليها، ولماذا يتزاحمون فيها، إذا كانت كل أسباب الحياة متاحة لهم فى أماكنهم، وحيث كانوا؟!

وسوف يدهشك أن تعرف أن الصحف المغربية كلها موجودة فى الدار البيضاء. وليس فى العاصمة، وهو شىء لابد أنه يخلف انطباعاً لدى كل مواطن بأن الله الذى خلق العاصمة لهم، قد خلق غيرها من المدن، وأنه كمواطن ليس مضطرا للذهاب إلى العاصمة، ليقضى أى مصلحة من أى نوع، لأنه يستطيع أن يقضيها حيث هو، وبالسهولة نفسها التى يجدها المقيمون فى الرباط.

على أطرافها، تقع مساحة هائلة من الحدائق العامة والغابات، وهى منطقة معروفة هناك، وتمتد لآلاف الأفدنة، ولم أستطع أن أمنع نفسى من المقارنة بينها وبين مطار إمبابة الواقع بدوره على أطراف قاهرتنا، والذى يمثل مساحة كبيرة يتيمة، كنا، ولانزال نتمنى أن نجده كله، لا بعضه، حديقة عامة مفتوحة يلوذ بها الذين يضيقون بغبار القاهرة، وترابها وزحامها، وتلوثها ودخانها إلى أن ينصلح حالها.

سألت نفسى: هل يستكثر القائمون على الأمر فى بلدنا مساحة 215 فدانا، التى يمتد عليها مطار إمبابة القديم، على أهل القاهرة والجيزة معا؟!.. وهل كانت الحكاية فى حاجة إلى كل هذا الجهد منا فى الإعلام لتخلو المساحة كلها وتظل أرضا ممتدة ومزروعة بالشجر.. وفقط؟!.. ولماذا لم يفكر القائمون على الأمر فى المغرب فى طرح شبر واحد من مساحاتهم الهائلة، أمام المستثمرين، كما فكر مسؤولون وأصروا منذ أول لحظة خلت فيها أرض المطار.. متى يا رب يدرك مسؤولونا، بعد ثورتين، أن البشر والشجر يتقدمان دائماً على الحجر؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى نقدم البشر على الحجر متى نقدم البشر على الحجر



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon