توقيت القاهرة المحلي 08:15:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محافظ «يحافظ» على البُعد عن الناس!

  مصر اليوم -

محافظ «يحافظ» على البُعد عن الناس

سليمان جودة

حين كان الرئيس لايزال مرشحاً رئاسياً، سألوه فى لقاء تليفزيونى عن حجم نصيب العسكريين، فى أول حركة محافظين سوف تجرى على يديه، عندما يفوز، فقال بأن نصيبهم لن يختلف، من حيث حجمه، عما كان عليه من قبل!

وقد تمنيت وقتها، لو أن الإجابة قد جاءت مختلفة كلياً، وتمنيت لو أن الرئيس قال فى حينها، إن المسألة بالنسبة لنا، لا يجوز أن تكون فى اسم الجهة التى سوف يأتى منها أى محافظ جديد، سواء جاء من بين ضباط الجيش، أو من بين ضباط الشرطة، أو من بين القضاة، أو من بين أساتذة الجامعات.. وهكذا.. وهكذا.. إلى آخر هذه التقسيمة التى دامت حتى ملها الناس، وأصبحوا يجدونها بلا معنى!

تمنيت وقتها، وقلت وقتها أيضاً وكتبت، إنه إذا كان مهماً، أن نعرف، من أى جهة بالضبط سوف يأتى كل محافظ جديد، فالأهم من ذلك كله، أن نعرف ما الذى بالضبط جاء ليحققه فى مكانه، وما الذى سوف يكون عليه أن يتركه فى هذا المكان، حين يغادره!

ذلك أنى أظن، أنه ليست هناك مشكلة لدى أحد منا، أن يأتى المحافظون الجدد كلهم، من جهة واحدة، أياً كان اسمها، بشرط أن يكون كل واحد فيهم، على وعى كامل، بالهدف الذى جاء من أجله إلى منصبه، وبشرط أن تكون الدولة، وهى تأتى به، إنما تفعل ذلك ضمن ما صار معروفاً فى العالم بأنه «الإدارة بالأهداف».. أى أن فلاناً جاء محافظاً، لأنه، أولاً، أصلح الناس للجلوس فى المحافظة التى ذهب إليها، ولأنه، ثانياً، قد جاء، وبين يديه أهداف معينة، حددتها الدولة مسبقاً، مع نفسها، ثم معه، ليترجمها هو إلى واقع حى يراه الناس، وفى مدى زمنى محدد.

ربما يذكر بعضنا، الآن، تلك الحركة الشهيرة التى جرت بين المحافظين، آخر أيام الرئيس السادات، وهى حركة حظيت أيامها، بصخب إعلامى واسع، لأن الرئيس الراحل أعلن قبلها، أنه سوف يمنح كل محافظ فيها، سلطات رئيس الجمهورية فى محافظته، وسوف ينتظر منه بعدها نتائج عملية فى المقابل، وقد عشنا بعدها لنرى أثراً مما انتظره السادات، وانتظرناه معه، فلم نجد، بما يعنى أن خللاً ما، فى العملية كلها، قد أعاقها عن تحقيق أهدافها، وأصبح المحافظون الناجحون فى أماكنهم، يمكن إحصاؤهم على أصابع اليد الواحدة.. نعم اليد الواحدة.. رغم أن عندنا 27 محافظاً!

وإذا كانت حركة المحافظين، التى وصفوها بأنها حركة كبيرة، سوف تصدر خلال أيام، وربما خلال ساعات، فهى متأخرة فى ظنى، ستة أشهر كاملة، لأننا كنا نتخيل أن الرئيس سوف يدخل مكتبه يوم 9 يونيو الماضى، وفى جيبه 27 اسماً لـ27 محافظة، بحيث يصدر بهم قرار منه، يوم 10 يونيو، أى فى اليوم التالى مباشرة، لوجوده فى موقع المسؤولية، فلا وقت عندنا نضيعه، وقد كان الرئيس هو أول من قال بهذا، وأكده مراراً، فى أكثر من مناسبة.

كنا نتخيل هذا، ويكاد يراه كل واحد فينا، أمام عينيه، كما يرى كف يده، غير أنه لم يحدث، بكل أسف، وصارت الأشهر الستة الماضية، أياماً وأسابيع ضائعة، فى حياة أغلب محافظاتنا، وفى حياة أبنائها الذين هم بعشرات الملايين، والمهم الآن، ألا يضيع ما هو آت، بمثل ما ضاع ما فات!

ذات مرة، سألوا البابا شنودة الثالث، عن علاقته بأحد محافظى قنا، وكان قبطياً، فقال البابا الراحل، بالحس الفكاهى الذى كان من بين سماته، إن المحافظ إياه «محافظ» على البُعد عنه!.. ولو طلب الرئيس تقريراً أمنياً عن المحافظين الحاليين، فسوف يكتشف أن الغالبية بينهم، عاشت تحافظ على البُعد عن الناس، حتى ساءت الأحوال هناك، بأكثر مما نتصور، ويتصور الرئيس!

 

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محافظ «يحافظ» على البُعد عن الناس محافظ «يحافظ» على البُعد عن الناس



GMT 03:52 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 03:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 03:31 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 03:27 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 03:24 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 03:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

GMT 03:07 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاري الشاعر

GMT 02:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا وسيناريو التقسيم

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:46 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما
  مصر اليوم - منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon