توقيت القاهرة المحلي 04:48:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مررتُ فى دمشق!

  مصر اليوم -

مررتُ فى دمشق

سليمان جودة

مررت فى دمشق على كوبرى قصير، لا يتجاوز طوله عشرة أمتار، ومن تحت الكوبرى كان هناك ممر مائى ضيق، ينساب ماؤه فى هدوء، وكان تيار الماء محدوداً للغاية، وتكاد وأنت تمر لا تلتفت إلى الممر، ولا إلى الماء المنحسر عند القاع فى حياء!

تذكرت فجأة أن صديقاً سورياً كان معى فى الطريق من مدينة حمص إلى دمشق، بامتداد ما يقرب من مائتى كيلومتر، وأنه كان يحدثنى، على طول الطريق، عن نهر بردى، الذى يشق العاصمة السورية، والذى كان ولايزال من معالمها الرئيسية التى لا يمكن محوها من عقل كل شخص زارها.

ورغم أنى رأيت «بردى» من قبل، فى زيارة سابقة لسوريا، إلا أنى لأسباب ليست واضحة، تخيلته هذه المرة كنهر النيل عندنا فى القاهرة تماماً.. ربما لأن اعتيادنا منظر النيل الخالد وهو يشق البلد، من عند حدود السودان معنا، إلى الإسكندرية، قد جعلنا نعتقد أن هذا هو النهر، ولا نهر غيره، وأن الأنهار فى العالم تُقاس عليه، ولا يُقاس هو عليها!

وتذكرت أيضاً أن أمير الشعراء أحمد شوقى قد بقى إلى رحيله فى سنة 1932 يتغزل فى «بردى» ولا يكاد يذكره فى واحدة من قصائده، حتى يعود إليه فى قصيدة جديدة!

لم أتوقع أن يكون الممر المحدود، الذى مررنا من فوقه، هو نهر بردى بعينه، ولا توقعت أبداً أن يكون هذا التيار المائى الخجول هو كل ما عند إخوتنا السوريين من ماء يجرى فيه.

لقد كان الصديق السورى، فيما بين حمص ودمشق، يحدثنى عن النهر، حديث العاشق للمعشوق، وفى اللحظة التى مررت فيها، من فوقه، رأيت بعينى أن صديقى ليس وحده الذى يعشق هذا النهر الشهير عندهم، وأن الدولة كلها تشاركه العشق ذاته، وأن هذا العشق قد تجلى فى صورة اهتمام بمجراه، لا يمكن أن يكون اهتماماً عادياً، ولا يمكن إلا أن يكون اهتماماً من دولة واعية، ثم من مواطنين بعدها، ووراءها، ومعها، يعرفون معنى أن يكون فى عاصمة بلادهم نهر، ويعرفون أيضاً قيمة أن تكون فى هذا النهر قطرة ماء واحدة!

اهتمامهم بقطرات الماء فيه بدا لى واصلاً إلى حد يكاد معه كل واحد فيهم، يغلفها، قطرة.. قطرة.. ثم يضعها فى برواز، احتفاءً بها، وإدراكاً لقيمتها فى الحياة!

طافت صورة النيل الخالد فى ذهنى، وسألت نفسى عن حجم عائده، فى حياة أصحابه، لو كان يجرى فى أرض أخرى، غير أرضنا، ولو كان له أصحاب آخرون سوانا!

فى دمشق، تشعر، ثم ترى، أن بردى له صاحب يخاف عليه، وأن كل سورى يتعامل معه، على أنه نهره الخاص الذى يملكه، وأنه، كمواطن، مكلف بحراسته، وحمايته.. وفى القاهرة، لايزال نيلنا الخالد يبحث عن صاحب عند حكومتنا ومواطنيها معاً.. لايزال بكل أسف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مررتُ فى دمشق مررتُ فى دمشق



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon