سليمان جودة
حتى صباح أمس، وصل عدد الحجاج المصريين الذين سقطوا قتلى، فى الطريق إلى رمى الجمرات، أول أيام العيد، إلى 78 حاجاً، ولايزال الرقم مرشحاً للزيادة، لأنه بدأ بأربعة حجاج، ثم وصل إلى ما وصل إليه!
أما الرقم الإجمالى للحجاج الذين لقوا حتفهم من أنحاء العالم، فقد بلغ 1200، ولايزال هو الآخر مرشحاً لأن يزيد!
ولاأزال من ناحيتى عند رأيى، بأن ذنب كل حاج منهم فى رقبة كل شيخ من شيوخ عصرنا لا ييسر على حجاج بيت الله، فى أثناء رمى الجمرات تحديداً، ويصمم على أن يعسر عليهم، بأن يجعلهم يرمون كما رمى الرسول، عليه الصلاة والسلام، وكما رمى الصحابة!
ولو كان الرسول الكريم بيننا لأدرك بعقله الراجح أن الطريق الذى كان يتسع فى أيامه، عليه الصلاة والسلام، لعشرين أو ثلاثين ألف حاج، وصولاً إلى جسر الجمرات، يستحيل أن يتسع لمليونين أو ثلاثة ملايين من حجاج بيت الله فى عام 2015، ولكان رسولنا العظيم قد راح يسهل على الناس، بالتالى، وينصح كل واحد فيهم بأن يرمى جمراته التسعة والأربعين، أو السبعين فى أى وقت شاء دون ارتباط بزوال، ولا بغير زوال، ولا بشروق، ولا بغير شروق، ولا بقدوم ليل، ولا بذهاب ليل!
رسولنا الذى أقصده هو الرسول الذى جاءه رجل يسأله عن يوم القيامة، فبادره النبى بسؤال من عنده عما أعد ليوم القيامة الذى يسأل عنه، فأجاب الرجل السائل بأنه لم يستعد ليوم القيامة بصلاة كثيرة، ولا بصيام أكثر، ولكنه يحب الله، ويحب رسوله.
هنا.. أجابه الرسول: المرء مع مَنْ أحب!
ولقد أرسل لى الأستاذ محمود الطنب يطلب أن أعود إلى كتاب «فقه السُـنة» للشيخ سيد سابق، خصوصاً باب الحج بالطبع، فرجعت إليه، وقرأته كاملاً، وفى كل موضع منه كنت ألاحظ أنه ما من أحد جاء إلى الرسول يسأله عن شىء اختلط عليه فى رمى الجمرات، أو فى غيرها، إلا كانت إجابة رسول الإسلام: لا حرج.. وفى مرات أخرى كان يقول: لا بأس!
لم يكن الرسول يتوقف عند شخص رمى قبل الشروق، ولا كان يتوقف أمام رجل رمى بعد الشروق، ولكنه كان بعقله الكبير يتوقف عند مسألة أخرى تماماً، هى أن الهدف من الرمى، كرمز، قد تم وانتهى الأمر، لدرجة أن حاجاً جاءه حائراً يخبره بأنه رمى ست جمرات لا سبعاً، فى رمية العقبة الكبرى، فأجابه رسولنا بما معناه أنه لا شىء عليه، وأن حجته صحيحة.. ولو جاء الرجل نفسه يسأل واحداً من شيوخنا إياهم لأمره بالعودة من القاهرة ليرمى الجمرة الباقية!
الذين يعسرون على خلق الله من الحجاج سوف يحاسبهم الله تعالى وحده، لأن «من فتاواهم ما قتل» - على حد تعبير الدكتور ناجح إبراهيم - الذى أستعير منه العنوان، وأحييه على عبارته، وهل هناك أكثر جُرماً من فتوى لشيوخ منغلقين تقتل 1200 من الحجاج، فى ساعة واحدة؟!.. فلا سامحهم الله ولا غفر لهم جميعاً.