سليمان جودة
إذا كان المهندس إبراهيم محلب جاداً فى إصلاح صناعة الإعلام، ككل، واعتقادى الخاص أنه جاد، فإننى أدعوه إلى أن يبدأ من عند أول السطر، لا من منتصفه، وأن ينتبه إلى أن اللجنة التى أصدر قراراً بتشكيلها مؤخراً تأتى قفزاً فوق أشياء لا يجوز القفز فوقها، رغم أنها، كلجنة، فيها أسماء لا خلاف حولها، ولا حول مكانتها، وفيها أسماء لا تمثل إلا نفسها، ولا تمثل إلا الجهة التى رشحتها، بل وفرضتها!
أقول هذا لأنى أعلم أن رئاسة الجمهورية، فى أيام الرئيس عدلى منصور، كانت قد تلقت أوراقاً مكتملة من الوزيرة المحترمة درية شرف الدين، حول رؤية الوزارة كلها للمجلس الوطنى للإعلام المرئى والمسموع، ثم حول رؤيتها، كذلك لميثاق الشرف الذى يحكم العمل فى الإعلام المسموع والمرئى، ويرشد الأداء أولاً بأول.
هذه الأوراق، التى أعدها خبراء محترمون وكبار فى المجالين، تسلمها الرئيس منصور بيديه، ولابد أنه عندما تسلمها، لم يكن يفعل ذلك ليضعها، كأوراق، فى درج مكتبه، ولا ليطالعها ثم يركنها على رف.. وبالتالى، فإن ما أطلبه من المهندس محلب أن يطلب هذه الأوراق، وهى بالمناسبة قليلة، وموجزة، وواضحة، وربما يكتشف رئيس وزرائنا، بعد أن يلقى عليها نظرة سريعة، أن ما يبحث عنه من حلول لأزمات صناعة الإعلام، مرئياً ومسموعاً، متاح بشكل شبه كامل فى أوراق الدكتورة درية، وأننا لا يجوز أن نبدأ من الصفر فى هذه القضية، ولا فى غيرها طبعاً، وأن نلتفت إلى أن هناك جهوداً مخلصة قد بذلها أصحابها، ومنهم الدكتورة شرف الدين، ولا يليق بأى حال تجاهلها، ولا القفز فوقها!
ومن هذه الجهود المخلصة أيضاً جهد هائل بذله المهندس أسامة الشيخ، مرتين: مرة فى صياغة مشروع قانون للمجلس الوطنى للإعلام، من خلال تجربة كبيرة وممتدة للرجل، بما يؤهله، عندما يضع مشروع قانون من هذا النوع، لأن يكون شأنه، والحال هكذا، شأن من يتكلم فيما يفهم جيداً، ويعرف، ويستوعب، ثم مرة ثانية فى وضع دراسة مستوفاة عن واقع الإعلام المصرى، ومعها خريطة طريق كاملة الأركان لإصلاحه، ومواجهة مشاكله، مشكلة وراء مشكلة.
وعندما يضع رجل مثل أسامة الشيخ، وفى مثل حجم تجربته، دراستين فى هذا الاتجاه، ويرسل بواحدة منها إلى المهندس محلب، بناء على طلبه، وبالثانية إلى الوزير أشرف العربى، بناء على طلبه أيضاً، فإن القفز فوق الدراستين، رغم ما فيهما من حلول عملية لمشاكل كثيرة، لابد أن يثير أكثر من علامة استفهام!
ما أريد أن أقوله إنه لا أحد يملك أن يقول إنه يحتكر امتلاك الحل، وإن اللجنة إياها مجرد خطوة، لها ما قبلها، من نوع ما أشرت إليه حالاً، مما لا نقبل أبداً تجاهله، كما أن لها ما بعدها، مما يجب وضعه فى الاعتبار، لأن إنقاذ الإعلام مما ينحدر إليه، مقروءاً، ومسموعاً، ومرئياً، يظل مسؤولية كل أطرافه، دون استحضار طرف بعينه، وتغييب باقى الأطراف.. فهذا ما لا سوف يقبله أهل الإعلام، خصوصاً الغيورين منهم، بجد، على المهنة، لا الباحثين عن مناصب ومواقع، وهؤلاء معروفون بالاسم والشكل، كما أنهم مكشوفون!