سليمان جودة
ساحلنا الشمالى ممتد لألف كيلو من العريش إلى ليبيا، ولكننا نختزله إذا تكلمنا عنه هذه الأيام فى نصفه تقريباً، من الإسكندرية إلى مطروح، ليظل السؤال على النحو الآتى: حتى إذا افترضنا أن هذا النصف هو كل ساحلنا الشمالى، أو ما تبقى منه، فهل استطعنا أن نستغله سياحياً كما يجب، أم أننا أهدرنا أغلبه فى صوره قرية سياحية عشوائية هنا، وأخرى هناك؟!
تكلمت عن الموضوع صباح السبت، وقلت ما معناه إن طموحنا السياحى فى هذا الساحل، لابد أن يكون مختلفا تماما عما هو عليه حاليا، وأن يكون مصدرا للعملة الصعبة التى تحتاجها خزانتنا العامة، ثم يكون مجالاً لإتاحة مئات الآلاف من فرص العمل لعاطلينا.
يبدو أن كلامى عنه، قد أثار شهية أهل الشأن، فتلقيت رسالتين من اثنين منهما، لابد أن فيهما ما سوف يفيد الدولة فى هذا الملف، إذا ما أعطته الاهتمام المفترض.
الرسالة الأولى من الأستاذ على عبدالعزيز، وهو رجل استطاع من خلال عمله السياحى الطويل أن يكون خبيرا دوليا فى مجاله، وأرجو أن تستفيد الدولة من خبرته فى هذا المجال، وأن يكون معها دائما وهى تخطط وترسم لمستقبلنا فى هذا الاتجاه.
الرجل يرى أن علينا أن نكون حريصين فى التعامل مع ما تبقى من ساحلنا الشمالى، وألا نملأه بالكتل الأسمنتية بإقامة فندق هنا وآخر هناك، فما هكذا يجرى استغلال الشواطئ جيدا، فى شتى الدول التى تدرك قيمة كل متر يطل من أراضيها على أى بحر، ولذلك فما يتصوره «على عبدالعزيز» أن يوضع مخطط سياحى شامل للساحل، وأن يتم طرحه من خلال مسابقة عالمية، حتى لا يقل شاطئنا حين يخرج مخططه إلى النور، عن الحاصل فى شواطئ دول قريبة منا، خصوصاً إيطاليا وإسبانيا.
ولابد أنى مع الأستاذ عبدالعزيز فى تصوره تماما، ولابد أن مثل هذا التصور هو الذى جعل عدد السياح الذين يقصدون إسبانيا - مثلا - فى كل عام، أكبر من عدد سكانها أنفسهم!!.. ولو كنت مسؤولا معنيا فى الدولة لوضعت الملف كله فى يد هذا الرجل، ثم طلبت منه أن ينقل تجربة إسبانيا إلينا، وبما هو أفضل منها، لا لشىء، إلا لأنه لك أن تتصور حالنا، إذا ما جاءنا من السياح عدد يزيد على عدد سكاننا، ولماذا لا، وقد حققت شواطئ الإسبان لهم هذا الحلم الذى هو حقيقة على الأرض عندهم؟!
والرسالة الثانية كانت من الأستاذ حامد الشيتى، صاحب فنادق ألماظة فى الكيلو 40 على طريق الإسكندرية - مطروح.. فالرجل فيما يبدو غاضب منى، لأنى ذكرت فندق غزالة «ريكسوس» فى الكيلو 141 على الطريق نفسه، ولم أذكر اسم فنادقه، وهو ما لم أقصده بالطبع، فقد كنت أضرب مثالاً لا أكثر، وقد عرفت بعد أن كتبت، أن له نشاطاً سياحياً متميزاً للغاية على بعد 40 كيلو من محافظة مطروح، وأن نشاطه هو، مع نشاط غزالة فى مكانه، ثم مع نشاط فنادق سيدى عبدالرحمن فى الكيلو 77، يكاد يكون إجمالى ما يمكن أن نشير إليه على الشاطئ هناك!
وتقديرى أن هذه التجمعات السياحية الفندقية الثلاثة، لا تلبى وحدها طموحنا السياحى فى شاطئ ممتد بهذا الطول، مع التقدير الواجب طبعاً لكل تجربة من التجارب الثلاث، ولكل جهد تم بذله فيها، ومع أملنا فى أن تتحول من ثلاث إلى ثلاثين على الأقل، فى الأمد الزمنى المنظور.
ولابد هنا أن أتضامن مع الأستاذ الشيتى ضد التصرف غير اللائق من الدولة معه، عندما ضاعفت عليه سعر الأرض عدة مرات، بعد الاتفاق النهائى عليه، ثم عندما اقتطعت من مساحته عن غير حق، وأعطت لمستثمر آخر لم يضع طوبة فيما أخذ حتى الآن!
لقد انقطعت أصواتنا من طول التنبيه إلى ضرورة أن تحترم الدولة تعاقداتها مع المستثمرين، وألا تتراجع عن أى عقد، أو تضاعفه، حتى لو تبين لها وجود أخطاء فيه، فالدولة فى سوق الاستثمار كالأفراد فى مجال التجارة، سُمعة!