بقلم سليمان جودة
هناك صوت غائب فى قضية الجزيرتين، هو صوت حسنى مبارك، ولأنه صوت مهم، بل مهم جداً، فلابد أن نسمعه لعدة أسباب:
الأول أن الخطاب الذى جاء من الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودى السابق، إلى الدكتور عصمت عبدالمجيد، وزير خارجيتنا الأسبق، وكانت السعودية فيه تطلب إعادة الجزيرتين إليها، قد جاء فى أيام مبارك، دون غيره من رؤساء مصر، ولابد أنه يعرف، بالتأكيد، ما هو أبعد من مجرد خطاب جاء أو راح، ويستطيع أن يضيف فى مضمون القصة كلها إذا تكلم!
إن السؤال هو: إذا كان هذا هو طلب المملكة فى أيام مبارك، فلماذا لم يقطع من ناحيته فى الموضوع فى حينه؟!.. ولماذا نام خطاب الأمير الفيصل فى درج عبدالمجيد، ثم لماذا نام بعدها فى الخارجية عموماً، إلى أن استيقظ هذه الأيام؟!
السبب الثانى أن مبارك هو من أدار معركة استعادة طابا باقتدار، وهو من بدأ التحكيم عليها فى عهده، وانتهى أيضاً فى عهده بعودتها كاملة، وهو من رفض أن يفرط فى حبة رمل واحدة فيها، وهو من صمم على إعادتها بالكامل ودون فصال، وهو من ظل يقاتل، مع فريقه القانونى الدولى المعتبر، من 25 إبريل 1982، إلى 15 مارس 1989، حتى اكتملت الملحمة فى سبع سنوات!
السبب الثالث أن علاقة مبارك، وعلاقة مصر بالعموم، مع الرياض، كانت على أفضل ما يكون طوال أيامه، وبالتالى فلم يكن هناك شىء يمنعه من مناقشة الأمر مع السلطات فى السعودية، فى حرية تامة، وكانت قوة العلاقة بين الطرفين تسمح بأن يسمع كل طرف من الآخر، دون أى حرج، فلماذا نام الموضوع فى عهده، خصوصاً بعد خطاب الأمير الفيصل، ولماذا لم يفصل فى الأمر، ولماذا أراد ترحيله إلى القادم من بعده؟!
السبب الرابع أن مبارك رجل عسكرى محترف، بمثل ما أن الرئيس السيسى رجل عسكرى محترف، وكلاهما، بحكم النشأة العسكرية، وبحكم العقيدة الوطنية الصادقة التى يتشربها العسكرى فى الجيش المصرى العظيم، يستحيل أن يقبل التفريط فى متر مربع واحد من أرضه، ولهذا كله، سوف تكون شهادة مبارك مهمة، وسوف يكون صوته له تأثيره فى هذا الملف تحديداً، وسوف يتكلم، حين يتكلم، لينهى، أو على الأقل ليخفف من وطأة هذا الانقسام الحاصل بيننا حول مسألة كان من الممكن حسمها بسهولة، لو توافر لها، منذ البداية، إخراج جيد، ثم توقيت مناسب!
إن العالم لو رصد جائزة لأسوأ إخراج فى قضية عامة، ولأسوأ توقيت، فسوف تكون الجائزة من نصيبنا قطعاً، وإذا لم يراجع الرئيس قائمة مستشاريه الذين لا نعرفهم، بعد فتنة الجزيرتين، فسوف يشيرون عليه بما هو أسوأ فى مقبل الأيام، فليحذر الرئيس، وليأخذ الدرس الواجب مما جرى!
نريد أن نسمع رأى مبارك، ونريده ألا يبخل على بلده بشهادة هو يملكها، ونحن نحتاجها!