بقلم سليمان جودة
كنت فى أبوظبى، قبل أيام، وقرأت ما يلى: بلغ عدد نزلاء فنادقها فى يناير الماضى 369 ألفاً و200 سائح، بمعدل إشغال وصل إلى 77٪!
هذا عن أبوظبى.. فماذا عن دبى؟!.. تصدرت المركز الأول، عالمياً، ضمن قائمة الوجهات السياحية الرئيسية، وزارها، فى العام الماضى وحده، 14 مليوناً و200 ألف سائح، بمعدل نمو عن العام السابق عليه وصل إلى 7.57٪!
بحثت فى الوجهات التسع، التى هى دون دبى، متوقعاً أن أجد القاهرة، مثلاً، أو الأقصر، أو أسوان، أو الغردقة، أو شرم، فلم أجد، ولكنى وجدت عواصم متفرقة بامتداد العالم، بدءاً من بانكوك فى تايلاند، مروراً بكوالالمبور فى ماليزيا، وانتهاءً بسنغافورة التى تقاسمت المركز العاشر مع أمستردام الهولندية!
هذه معلومات يعرفها قطعاً يحيى راشد، وزير السياحة الجديد، ويعرف ما هو أكثر منها، ثم يعرف أنه لا يجوز أن تكون هناك وجهات عشر عالمية فى السياحة، ولا نكون نحن بينها، رغم الظروف التى مررنا ونمر بها!
لقد كنت فى الكويت ذات مرة، والتقيت الوزير راشد، بالصدفة، فى بهو فندق ماريوت، وسمعت منه، يومها، شيئاً عن عمله فى صناعة السياحة، واحترافه هذه الصناعة بين هنا، وهناك، ولاحظت من كلامه أنه يعرف جيداً فى أصولها، وقواعدها.
وعندما يزور فنادق إمارة أبوظبى 400 ألف سائح تقريباً، فى شهر واحد، فلابد أن يكون هذا الرقم مضروباً فى ثلاثة على الأقل فى القاهرة، ثم إذا زار إمارة دبى 14 مليوناً، فى عام واحد، فليس أقل من أن يكون هذا الرقم نفسه، هو نصيب أسوان، أو الأقصر، أو شرم، أو الغردقة، أو يكون نصيبها معاً فى أقل تقدير!
أعرف بالطبع أن ما جرى فى البلد، من 25 يناير إلى اليوم، بشكل عام، ثم ما جرى فى واقعة طائرة شرم، وواقعة الشاب الإيطالى، بشكل خاص، كان له تأثير مباشر على السياحة عندنا، كصناعة، غير أنى أشعر، أحياناً، أننا نستسلم لهذه الفكرة، وأننا نجدها مبرراً مريحاً لانخفاض معدل إقبال السياح على بلدنا، وأننا، كحكومة، لا نبذل الجهد الكافى لإنقاذ هذه الصناعة، التى كانت، وسوف تظل، باباً أساسياً من أبواب تدفق الدولار لدينا.
السياحة صناعة متكاملة، والوزير راشد، بحكم تجربته الممتدة فيها، هو سيد العارفين، ولأنها «صناعة» فهى تبدأ من موظف المطار الذى يتلقى السائح، بعد لحظة هبوطه من الطائرة، إلى سائق التاكسى الذى يأخذه من المطار، إلى الجرسون فى المطعم الذى سوف يتناول طعامه فيه، إلى آخر ما يتعرض له كل سائح، منذ أن يأتى، إلى أن يغادر، ويؤسفنى أن أقول إن عناصر كثيرة منها طاردة، وإننا لا نفهم أن السائح، حين يعود إلى بلده، سوف يكون دعاية إيجابية لنا، أو العكس، ولا شىء بينهما، وإنه سوف يمارس دعايته فى محيطه فى بلده، وبين معارفه، بناءً على ما رآه على مدار اليوم، حين كان عندنا.
ولأن الأمر كذلك، فإننى أتوقع أن يخرج الوزير راشد علينا، وأن يقول إن السياحة ليست فى يد وزير السياحة وحده، وإن ما يخصه فيها، كوزير، هو كذا، وما يخص الآخرين هو كيت.. وإن على كل طرف من أطراف هذه الصناعة أن يتحلى بالمسؤولية فى مكانه، لأنه لا بديل آخر أمامنا!