بقلم سليمان جودة
كان المهندس شريف إسماعيل موفقاً للغاية فى اختيار عنوان بيان حكومته أمام البرلمان، حين قال: نعم نستطيع!
غير أن على الـ90 مليون مصرى أن ينتبهوا إلى أن الاستطاعة هنا ليست خاصة بـ«إسماعيل» وحده، ولا بحكومته بكامل تشكيلها وحدها، وإنما بكل واحد منا، فى مكانه، ودون استثناء!
والمعنى أن هذه الحكومة تريد أن تنجح، ولابد أن تنجح، وإذا كان جزء كبير من نجاحها يظل فى يدها، وفى قدرتها على إدارة ثروة البلد بطريقة رشيدة، فالجزء الآخر فى يدنا نحن.. يدى.. ويدك.. بامتداد الوطن، ولن يكون ذلك إلا بأن يكون فى أعماق كل واحد فينا يقين بأن نجاح بلد.. أى بلد.. هو حاصل جمع نجاح أفراده.. ومن قبل، فهو حاصل جمع أداء كل مواطن، حيث هو، لتكون أمامنا فى النهاية حصيلة من الأداء العام المنجز!
وإذا كان الجزء الأكبر من المسؤولية عن النجاح يقع على الحكومة، فليس ذلك إلا لأنها الحكومة، ولأنها هى التى تملك السلطة وتحوزها، وباستطاعتها بالتالى، أن تتصرف، وأن تدير، وأن تكون وهى تفعل هذا كله متأكدة من أن فى البلد ثروات بلا حدود، تحت الأرض وفوقها.. إنها ثروات فى حاجة فقط إلى عقل يديرها، ثم يوظفها!
أعود إلى عنوان البيان الذى شدنى: نعم نستطيع.. فالتحدى فيه هو أن ننقله من داخل القاعة التى ألقاه فيها صاحبه، تحت القبة، إلى خارجها، ثم أن نكون قادرين، حين ننقله، على أن نترجمه، لأن الاستطاعة هى فعل قبل كل شىء!
ثم أعود إلى كلام مهم قاله وزير المالية الأسبق، ممتاز السعيد، لزميلنا الأستاذ محسن عبدالرازق، فى هذه الصحيفة، فى اليوم التالى لإلقاء البيان.
وهو كلام مهم، لأن الوزير الأسبق يعدد لنا مصادر بعينها، يمكن بها، ومنها، أن نترجم «نعم نستطيع» من عنوان لبيان حكومى أمام برلمان، إلى حركة حية على الأرض يرى أثرها كل إنسان.
قال الوزير السعيد إن حجم المتأخرات الضريبية يصل إلى 120 مليار جنيه، وإنه لابد من تحصيلها، وإنه لا يصح أن تبقى حصيلة بيع أراضى الدول، باختلاف أنواعها، خارج الميزانية.. ثم إنه يطلب قانوناً يلغى الحسابات والصناديق الخاصة، لأنها فى تقديره تمثل ميزانية موازية.. وفى خطوة رابعة يطلب ترشيد الاستيراد، إلا فى الضرورة القصوى، وكان مطلبه الخامس والأخير هو ربط منح دعم للصادرات، بضخ حصيلة التصدير إلى إيرادات النقد الأجنبى بالبنك المركزى!
لقد كان شعار «العدالة الاجتماعية» محوراً من محاور سبعة فى البيان، ونريد أن ننتقل به من مرحلة الشعار، إلى مرحلة العمل به فعلاً، ولن يتحقق ذلك إلا إذا دخلت هذه الـ120 ملياراً من المتأخرات الضريبية خزانة الدولة، ثم خصصتها الحكومة كلها، لا بعضها، للتعليم، والصحة، والبحث العلمى، حسب ما تقول مادة صريحة فى الدستور.. وفى حالة كهذه، سوف يشعر كل مواطن بشيئين اثنين، أولهما أننا حقاً «نستطيع»، وأن الحكومة عندما تتكلم عن عدالة اجتماعية لمواطنيها، فإنها تعنى ما تقول!