بقلم سليمان جودة
بعد أن أدَّى الوزراء العشرة الجدد اليمين الدستورية، قال المهندس شريف إسماعيل، رئيس الحكومة، إن الأداء فى وزارتى التعليم والصحة، خلال الفترة المقبلة، سوف يكون أفضل!َ
وقد كنت أتمنى لو أصدِّقه، لو أنه قال لنا: كيف؟!.. ثم كنت سأصدِّقه أكثر لو أنه التفت إلى أن تصريحاً آخر له هو نفسه، قبل مجىء الوزراء العشرة بأيام، يجعل وعده بأن يكون الأداء فى الوزارتين إياهما أفضل نوعاً من المستحيل!
التصريح الذى أعنيه على لسان الرجل كان يقول إن ميزانية الدولة التى ستعرضها حكومته على البرلمان، فى إبريل المقبل، تبلغ 864 مليار جنيه، وهى ميزانية العام المالى 2016-2017.
غير أن المهندس إسماعيل عندما فكَّك هذا الرقم، قال إن 700 مليار منه سوف تذهب إلى الدعم، وفوائد الديون، والأجور.. أى سوف تذهب فى الهواء.. فماذا يتبقى؟!.. يتبقى 164 ملياراً!
هو نفسه عاد فى التصريح ذاته ليقول إن الـ164 ملياراً هى كل ما سوف تنفقه حكومته على 90 مليون مواطن بامتداد عام كامل!
سمعت من الدكتور إبراهيم فوزى، الوزير الأسبق، إنه حسبها بالورقة والقلم، بمجرد أن سمعها من رئيس الحكومة، واكتشف أن نصيب كل مواطن من الـ164 ملياراً هو 18 ألف جنيه سنوياً، أى ما يوازى 1500 جنيه شهرياً!
لك أن تتصوَّر حكومة تنفق على جميع الخدمات العامة المقدمة للمواطن الواحد 18 ألف جنيه سنوياً، ثم تتوقع، بعد ذلك، أن يكون هناك أداء أفضل فى الصحة، أو فى التعليم، أو فى الطرق، أو فى المساكن، أو.. أو.. إلى آخر الخدمات العامة التى لا بديل عن أن تقدمها الحكومة لمواطنيها، ولا بديل عن أن تكون خدمات تليق بالمواطن باعتباره بنى آدم!
تصريح رئيس الحكومة، إذن، ليس إلا نوعاً من الدفاع، من جانبه، عن مستوى الأداء، فى خدمة التعليم، وفى خدمة الصحة، وهو مستوى يعرف عنه رئيس الحكومة أنه غير آدمى بالمرة، ويعرف أن نقل هذا المستوى لدرجة أفضل يحتاج لشيئين اثنين: إنفاق عام أكثر، ثم رؤية تحكم الإنفاق العام، ليكون المُنفِق على دراية مسبقاً بأهداف محددة يريد أن يحققها من وراء إنفاقه، ويكون مالكاً لوسائل محددة أيضاً فى الإنفاق العام تجعله رشيداً، أولاً، ومحققاً لأهدافه ثانياً!
تسألنى عن الحل فأقول إن الدولة تدور حول نفسها، ولا تريد أن تعترف بأنها فى حاجة إلى موارد تنفق منها على التعليم والصحة، بالأساس، ثم على غيرهما، ولن يكون عندها موارد حقيقية إلا إذا وضعت نظاماً ضريبياً محكماً يأتى إلى خزانتها العامة بكل قرش مستحق، عن كل نشاط على أرضها!
ثم لن يكون عندها موارد إلا إذا أغلقت حنفية تهدر المال العام على مدار اليوم، اسمها القطاع العام، الذى جاء له وزير من بين الوزراء العشرة، دون أن يقال لنا ما الذى بالضبط سوف يفعله.. هل سيترك الحنفية مفتوحة كما هى، أم أنه سيوقف إهدار المال العام من خلالها، وإذا كان سوف يفعل هذا.. فكيف؟!
الأداء الأفضل فى الصحة، أو فى التعليم، أو فى أى مجال سواهما، ليس كلاماً يا معالى رئيس الوزراء.. إنه ورقة، ومعها قلم!