سليمان جودة
سوف نصدق مجلس الوزراء، في بيانه الذي قال إن الوزراء التسعة الذين قيل إنهم متورطون في قضية فساد وزارة الزراعة.. لا علاقة لهم بها.. سوف نصدقه تماماً ثم نسأل في إلحاح عن وضع باقى الوزراء، الذين تصوروا مع الوسيط في القضية، أكثر من مرة، وجرى نشر صورة كل واحد فيهم، معه، في الصحف، مراراً.. ماذا عنهم بالضبط؟!
طبعاً.. يظل السؤال الأهم عمن كان يتولى فتح أبواب الوزراء المغلقة أمام الوسيط إياه، وفى مقابل ماذا على وجه التحديد كان يجرى فتح الأبواب؟!
هذه أسئلة تشغل كل مصرى شريف، ولا يجب أن تغطى عليها الدولة مهما كان الثمن، ولابد أن يقدم رئيس الوزراء، بحكم مسؤوليته، جواباً شافياً عنها، ولابد من إطلاع أفراد هذا الشعب على كل شىء، ولابد من جرجرة كل شخص له علاقة بالقضية إلى ساحات القضاء لينال جزاءه، ولابد لكل من ابتلع قرشاً، من أموال هذا الشعب دون وجه حق، أن يعيده إلى الخزانة العامة مرغماً.. لابد!
لقد كنت يوماً في فندق الفورسيزونز، ورأيت بعينى كيف أن الوسيط في هذه القضية كان يتحرك في أنحاء الفندق كمن يتحرك في بيته، وينتقل من مكان لآخر، في داخله، كمن يخرج من غرفة إلى غرفة في منزله، وسألت، وقيل لى يومها إنه مقيم منذ عامين إقامة كاملة في الفندق الفخم، وكان أن رجعت أسأل: على حساب من؟!
وما سمعته يومها، من رجل أثق فيه، أن إقامته بالكامل كانت على حساب اثنين من رجال الأعمال، وإنهما كانا يسددان ثمن إقامته في جناحه الوثير، شهراً بشهر!
سألت الرجل: في مقابل ماذا؟!.. قال: الله أعلم!.. اسأل وسوف تعرف!
هذا كله لابد من إعلانه بتفاصيله على دافع الضرائب في بلدنا، ولابد أن يقال لنا السبب الذي من أجله يبقى وزير في الحكومة إلى الآن، رغم أنه جاء عليه يوم ذهب فيه مع الوسيط إلى دائرته الانتخابية، ودار معه فيها، وكان شيئاً مخجلاً في حينه، وكان شيئاً يدعو إلى الأسى، أن يرتكب الوزير إياه جريمة كهذه، ثم يبقى بعدها في وزارته وكأن شيئاً لم يحدث!
ثم كان أن ذهب الوسيط، في يوم آخر، إلى وزير لايزال على كرسيه أيضاً، والتقط معه الصور، وراح ينشرها في كل صحيفة، دون أن يقال لهذا الشعب المنكوب بكثيرين من مسؤولية شىء واحد عما جعل الوزير يستقبله في مكتبه بتلك الحفاوة، وعمن فتح الباب المغلق عند الوزير.. ثم تكرر الأمر مع وزير ثالث، لايزال في مكانه كذلك إلى هذه اللحظة!
إننى أسأل الرئيس، ورئيس الوزراء، عن وضع هؤلاء الوزراء الثلاثة، على سبيل المثال، ولابد أن رئيسنا، ورئيس حكومته، يعرفانهم بالاسم، فالفساد كان علناً، ولا يكفى أن يخرج الوزراء الثلاثة، وغيرهم، من مواقع المسؤولية.. لا.. لا يكفى إعفاؤهم أبداً، ولابد من محاسبة تليها محاكمة.
حرام أن يكون هذا هو حال الملايين من التعساء في البلد، ثم يبقى فاسد واحد في مكانه، أو يهنأ بما استحله من مال هذا الشعب البائس.. حرام.. فلايزال المصريون في انتظار شىء يشفى غليلهم فيمن سرقوهم، ورجاؤنا ألا يتردد الرئيس، ورئيس حكومته، لحظة واحدة!.. فالجميع يهمس، ويتكلم، وينتظر!