سليمان جودة
12 يوماً كاملة، مرت على تسويد شاشات ماسبيرو، دون أن نعرف إلى الآن، شيئاً محدداً عن الشخص، أو الأشخاص، الذين كانوا سبباً فيما جرى، رغم أن وعداً صريحاً بمعرفة الجانى، كنا قد سمعناه من المهندس إبراهيم محلب، فى يوم التسويد غير المسبوق، بل فى لحظته!
فى ذلك اليوم، اعتذر المهندس محلب للمصريين جميعاً، عما حدث، وعندما طلبوا منه وهو يعتذر، من داخل مبنى ماسبيرو نفسه، أن يوجه كلمة للمواطنين، بخلاف الاعتذار، رفض بإصرار، وقال بأنه لن يتكلم حتى يعرف، ونعرف معه، ماذا تم يومها بالضبط، وحتى يخضع الجانى، أو الجناة، لعقاب القانون!
ولابد أن رئيس الوزراء كان محقاً فى رفض الكلام، قبل أن يضع يده على نتائج تحقيق جاد نعرف منه، بأمانة، معلومة لها أول ولها آخر، عن هؤلاء الذين أظلموا «ماسبيرو» بكامله، لمدة 44 دقيقة!
وبمثل ما كان محقاً فى ذلك، بمثل ما كان يدرك حق كل مصرى عليه، حين لم يتردد فى تقديم اعتذار رآه واجباً، ورآه ضرورياً، ورآه لازماً لتهدئة خاطر كل مواطن أحس بالإهانة فى لحظة انطفأت فيها هناك كل الشاشات!
غير أن هذا كله لا يجعلنا ننسى أن نعيد تذكير الرجل بأنه، هو نفسه، كان قد قال، ذات يوم، بأننا نواجه حربين متوازيتين: حرب على الإرهاب، ثم حرب على الإهمال!
لابد أن نعيد تذكيره بعبارته هذه، وأن ننبهه إلى أن خطر الإهمال علينا قد يكون أشد من خطر الإرهاب، وأن هذا الإهمال السارح فى كل ركن، إذا لم يصادف يداً من حديد، من جانب رئيس الوزراء، فسوف يظل يعربد، وسوف يظل يروِّع الناس فى كل صباح!
سيادة رئيس الوزراء.. يقال فى حياتنا اليومية إن وعد الحر دين عليه، وأنت لست حراً، وفقط، وإنما أنت رئيس وزراء بالإضافة إلى ذلك، ولهذا، فما نريده منك يبقى وعداً مضروباً فى اثنين، إذا ما قورن بما نريده من أى شخص أو مسؤول سواك!
نريد أن نعرف منك مَنْ بالضبط الذى قطع البث عن شاشات «تليفزيون مصر».. نعم «تليفزيون مصر» بجلالة قدره، وقدرها، ونريد أن نعرف ما هو عقابه، ومتى سيناله على الملأ، ليكون عبرة، وعظة، لآخرين.
ونريد أن نعرف منك مَنْ المسؤول عن حادث مترو الأنفاق الذى جعل القطار يلبس فى الحائط، بما أدى إلى خسائر قيل وقتها إنها 40 مليون جنيه؟!.. مَنْ المسؤول، ومتى سينال عقابه على الملأ، ولماذا تتحمل الخزانة العامة مبلغاً بهذا الحجم، دون أى مبرر، ودون ذنب منها؟!
نريد أن نعرف منك مَنْ الذى سمم أبناء الشرقية، ومتى سينال عقابه على الملأ؟!
الإهمال أخطر من الإرهاب، وإن لم يكن أخطر منه فخطره لا يقل عنه أبداً، ونتائج التحقيق فى هذه الوقائع الثلاث، على سبيل المثال لا الحصر، سوف تكون فارقة، فى الدلالة على مدى جدية حربنا التى أعلنتها أنت عليه!