توقيت القاهرة المحلي 05:25:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان: ترهيب المسيحيين بديل الإصلاح المرفوض

  مصر اليوم -

لبنان ترهيب المسيحيين بديل الإصلاح المرفوض

بقلم: حسام عيتاني

بعد ثلاثة أسابيع من الانفجار الكارثي في بيروت، تبخرت أوهام بعض اللبنانيين بعودة الاهتمام الدولي ببلدهم واستأنفوا عيشهم السابق بين أزمتين سياسية واقتصادية خانقتين أضيفت إليهما نكبة قسم من أحياء العاصمة التي لم تُكشف كل نواحيها بعد.
أُطفئت أضواء وسائل الإعلام، وغادر المبعوثون الدوليون، وبدأت السفن الحربية التي جاءت في الأسبوع التالي للانفجار بالرحيل، وتعرض قسم من المساعدات العينية للسرقة كما كان متوقعاً. الرهانات التي ما زال محللون اعتادوا المبالغة في أهمية بلدهم يعلقونها على زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلع سبتمبر (أيلول) لن تنجح في تغيير المناخ السياسي العام، الذي عاد إلى آليات تفككه السابقة على الانفجار، وزاد عليه الفراغ الحكومي بعد استقالة حكومة حسان دياب التي مثلت فشلاً مدوياً لخيار سلطة اللون الواحد.
تركُّز أضرار انفجار الرابع من أغسطس (آب) في الأحياء الشرقية المسيحية من بيروت، وسقوط عدد كبير من الضحايا هناك، ودمار عدد من المعالم المعمارية التي نجت من الحرب الأهلية، تسببت كلها في صدمة ربما تفوق تلك التي أصابت مسلمي بيروت، رغم أن عصف الانفجار لم يوفر بيوتهم وشوارعهم؛ ذاك أن الانفجار حرّك من دون قصد ربما، الخوف المسيحي العميق من الإبادة والتهجير.
وبغض النظر عن دقة الأرقام وإحصاء انتماءات الضحايا الدينية ومن بينهم الكثير من غير اللبنانيين، لم تمر الكارثة من دون استغلال سياسي من أكثر من طرف. تصريحات زعماء القوى المسيحية صورت النازلة وكأنها محصورة بجمهورهم. وذهب بعضهم إلى تسميتها «انفجار الأشرفية». وعلى جاري العادة، تفوق ممثلو الحزب الحاكم، «التيار الوطني الحرّ»، على منافسيهم في دفع الاستغلال إلى الابتذال وصولاً إلى تصوير الانفجار كأنه هجوم معد عن سابق إصرار وتصور لتهجير المسيحيين.
لا شيء من ذلك. ويعرف العونيون خواء ادعاءاتهم قبل غيرهم. بيد أن المسألة تكمن في مكان آخر، فالانفجار سرّع حالة التفكك والإفلاس التي بدأ «التيار الوطني» يعانيها منذ انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، وإخفاقه في إبعاد نفسه عن اتهامات الفساد وقضاياه العديدة التي أحاطت بكبار مسؤوليه، وفشل حكومة حسان دياب التي أيدها في تحقيق أي تقدم على صعيد علاج المصائب المتنوعة، بسبب إصرار رئيس التيار الوزير السابق جبران باسيل على التدخل في كل تفاصيل العمل الحكومي، ما أدى إلى شلل السلطة التنفيذية قبل أن تنهار بالضربة القاضية في انفجار المرفأ.
استعادة الالتفاف المسيحي حول التيار بدت مهمة ملحة لتطويق الخسائر على الجبهات المختلفة التي تصاعدت مع دعوة البطريركية المارونية إلى «الحياد النشط» الذي يستدعي إبعاد لبنان عن الصراعات الإقليمية، ما اعتبره «حزب الله» الحليف الوحيد للتيار الوطني وحاميه ومُسهّل استيلائه على الدولة، صفعة موجهة إليه، نظراً إلى إصرار الحزب على ربط لبنان بكل الصراعات في المنطقة بذريعة العمل على تحرير القدس والصلاة في مسجدها الأقصى. ورد الحزب بحملة عنيفة عبر وسائل إعلامه وصلت إلى تخوين البطريرك بشارة الراعي واتهامه بالعمالة لإسرائيل.
عبء التوريط الذي يقوده «حزب الله» بات ظاهراً للعيان من خلال العزلة العربية والدولية التي يعاني منها لبنان، كما خرج من جدول اهتماماتها التي كان يحتل فيها مرتبة متقدمة سابقاً، ناهيك عن الرقابة الشديدة التي يفرضها الغرب على الحركة المالية في لبنان، خشية استفادة «حزب الله» وإيران منها أولاً، ونظراً للتعثر الذي أصبح سمة المصارف اللبنانية ثانياً.
في المقابل، تحركت أجهزة مشبوهة في الشمال فقتلت خلية إرهابية ثلاثة أشخاص في بلدة كفتون ما صبّ المزيد من الماء في طاحونة الدعوات إلى حماية المسيحيين وتعزيز تحالفهم مع القوة المسلحة القادرة على توفير الأمن لهم، وسوى ذلك من خطابات التحريض والتهويل المزدوجة الاستخدام.
ويبدو أن ليس من خيار أمام تحالف «حزب الله» والتيار الوطني الحر سوى التمسك بما يجمعهما والإصرار على تشكيل الحكومة المقبلة من شخصيات موالية للتحالف ولاء كاملاً غير منقوص، خدمة لتصور يسود «محور المقاومة» عن أن الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل ستأتي بالمرشح الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض، وستنتهي بمجيئه العقوبات الأميركية على إيران ويتنفس المحور الصعداء.
استراتيجية إرجاء الاستحقاقات الداخلية في انتظار حدث دولي كبير ليست بجديدة على الأدوات التي ينظر الممانعون فيها إلى العالم حولهم، لكنها تتجاهل أن القدرة على ضبط الأوضاع المتهالكة في لبنان تتناقص، وأن الأمن والاقتصاد وقطاعات أخرى عديدة على وشك التدهور والتحول إلى حطام وأنقاض. وليس في يد العونيين وحليفهم حسن نصر الله سوى اللجوء إلى المزيد من العنف أو التحريض عليه والتهويل به، وهو ما لم يعد بكافٍ أمام ملايين الأفواه الجائعة والعيون الدامعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان ترهيب المسيحيين بديل الإصلاح المرفوض لبنان ترهيب المسيحيين بديل الإصلاح المرفوض



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon